لا فيا كامبيسينا – تغيير سياسة المعرفة والفِلاحة والمشاركة في تأسيس حقل معرفي: إشادة

ملخص

يطرح هذا المقال أن (لا فيا كامبيسينا)، «حركة سبيل الفلاحين»، منذ تأسيسها عام 1993، أعادت الاعتبار للسياسة الفِلاحية وغيرت من سياسة المعرفة وشاركت في تأسيس حقل الدراسات الفِلاحية النقدية. قدمت الحركة الكثير، ومن ذلك إيضاحها أنّ العالم الفلاحي رغم تضاؤله لم يضمحل . وقد قامت بهذا جزئيًا عن طريق إبراز الدور الهام للحركات الفِلاحية في النضالات المناهضة للرأسمالية وإعادة تخيل مستقبل إيجابي ودور مختلف لعالم الريف والحركات الفِلاحية فيه والعمل على بناءه بشكل راديكالي. لا تكمن أهمية لا فيا كامبيسينا في تقلص أعداد العاملين في الزراعة أو في تناقص المساهمات الاقتصادية الكلية للزراعة في الاقتصادات الوطنية بالمعنى النسبي، وإنما في الوزن السياسي لما تمثله من حيث العمل على وجود مستقبل بديل مختلف بشدة عن العالم الفِلاحي حاليًّا.


مقدمة

كتبتُ هذا المقال كإشادة بـ (لا فيا كامبيسينا) بمناسبة الذكرى الثلاثين لتأسيسها. لا يعني هذا أن لا انتقادات لدي للا فيا كامبيسينا وبعض جوانب مشروعاتها السياسية. فلدي انتقادات بالفعل. لكن هذا المقال ليس المكان المناسب لها. يهدف هذا المقال إلى توضيح كيف غيرت الحركة من سياسة المعرفة والفلاحة وشاركت في تأسيس حقل الدراسات الفلاحية النقدية في أثناء العقود الثلاثة الماضية.[1] تأسست لا فيا كامبيسينا رسميًا كحركة فلاحية منظمة عابرة للحدود الوطنية عام 1993. وهذا يعني مرور ثلاثين سنة بالضبط على تأسيسها في هذا العام. واليوم، في 2023، ينضوي تحت لواء الحركة 182 منظمة عضو من 81 بلد، وتعداد من تمثلهم حوالي 200 مليون نسمة، بين فلاحين فقراء ومزارعين صغار ومتوسطين وعمال ريفيين عديمي الأرض. وهكذا أصبحت أبرز حركة فِلاحية عابرة للحدود الوطنية توجهاتها منحازة للعدالة الاجتماعية، وكذلك واحدة من الحركات الاجتماعية المناهضة للرأسمالية الرائدة على مستوى العالم بنحو أعم. فقد كانت رأس الحربة لحملات عالمية مناهضة للاستغلال والقمع والطرد والقهر، وصاغت مفاهيم وأسست أنظمة بديلة اكتسبت شعبية في نطاق أوسع من صفوف الطبقة العاملة الفلاحية. على سبيل المثال، قادت لا فيا كامبيسينا الحملة المناهضة لمنظمة التجارة العالمية منذ تسعينيات القرن العشرين. وفي نفس الوقت، كانت رائدة في طرح البدائل (لا سيما السيادة الغذائية والزراعة الإيكولوجية) التي أصبحت رائجة على نطاق أوسع ويتبناها الكثيرون في قطاعات عديدة غير قطاع الزراعة.[2]

تنقسم هذه الورقة إلى ثلاثة أقسام رئيسة ترتيبها كما يلي. القسم الأول يشرح المساهمات الكبرى للحركة من حيث إعادة الاعتبار للسياسة الفِلاحية وإحداث تغيير في سياسة المعرفة والمشاركة في تأسيس حقل الدراسات الفلاحية النقدية. القسم التالي يشرح كيف قدمت مساهماتها وسط ديناميات من الوحدة والتنوع ومكابدة الصعاب داخل المجموعات الاجتماعية والقضايا والمنظمات وفيما بينها. وأختتم الورقة بنقاش موجز حول الفرق بين منظور «النصف الفارغ» ومنظور «النصف الممتلئ» في تقييم حركات العدالة الاجتماعية الراديكالية مثل لا فيا كامبيسينا.

تغيير سياسة المعرفة والفِلاحة والمشاركة في تأسيس حقل معرفي

لقد أعادت لا فيا كامبيسينا الاعتبار للسياسة الفلاحية، وأحدثت تغييرًا في سياسة المعرفة، وساهمت في بناء حقل الدراسات الفلاحية النقدية. ليست الحركةُ التحالفَ أو المنظمة الوحيدة الهامة في الحركة الفلاحية العابرة للحدود الوطنية، وإنجازاتها ما كانت ستصبح ممكنة لولا وجود أشكال ولحظات عديدة من التحالف مع المنظمات والحركات اليسارية الأخرى.[3] لكن لا فيا كامبيسينا من الحركات الريفية والفلاحية المناهضة للرأسمالية الأقوى والأوسع انتشارًا من الناحية التنظيمية والأشد اتساقًا من الناحية الأيديولوجية. ورغم أن الحركة فلاحية بالأساس في تركيبها وسياساتها، فإن توجهها السياسي يتضمن أيضًا عناصر من سياسات العدالة المناخية والبيئية والغذائية.[4]

إعادة الاعتبار للسياسة الفلاحية

أشار هنري برنستين (2018: ص 1146) إلى المفارقة التالية: «بينما الماركسية، في أفضل إصداراتها، تحافظ على أفضليتها التحليلية في التصدي للدينميات الطبقية للتغير الفلاحي، فلسبب ما تبدو الشعبوية الفلاحية قوةً سياسية وأيديولوجية أكثر حيوية». في السياق المعاصر، يصنف برنستين وقسم من الأكاديميين الماركسيين التقليديين (لا فيا كامبيسينا) والحركات الفلاحية الوطنية المكونة لها، وكذلك النشطاء والباحثين الأكاديميين الذين يدعمونها، بـ «الشعبويين الفلاحيين»، حيث يُستخدَم هذا التعبير عادة بطريقة تحقيرية. دون الدخول هنا في تاريخ تعبير «الشعبوية الفلاحية» والظروف السياسية المحيطة به،[5] أفسر مقولة برنستين بطريقتين متلازمتين: الأولى هي أنها اعتراف صريح بالأهمية السياسية للحركة والحركات المنتسبة لها، وبجماعة عالمية كاملة من الداعمين والحلفاء لهذه الحركات. الثانية أنها اعتراف صريح بالجانب الآخر: وهو أن الحركات التي يمكن اعتبارها «غير شعبوية»، التي تعبئ الطبقات العاملة الريفية أو «طبقات العمال» (Bernstein 2006) ليست بنفس الحيوية كقوة سياسية في الأزمنة الحديثة. النقطة التي يتم توكيدها هنا هي أن لا فيا كامبيسينا وداعميها ليسوا وحدهم من يقولون بالأهمية السياسية لهذه الحركة الدولية، بل حتى منتقدوها يبدو أنهم يؤيدون هذه النقطة.

كان ما أعادته لا فيا كامبيسينا من اعتبار للسياسة الفلاحية على المستويات المحلية والوطنية والدولية إحدى التطورات شديدة الأهمية على الصعيد الفلاحي في العقود الثلاثة الماضية. فالأزمات المتعددة في الاقتصاد الدولي والمناخ والبيئة والسياسة سلطت الضوء على العالم الفلاحي. وقد ساهم تفسير لا فيا كامبيسينا لأسباب الأزمات العالمية وشروطها وتبعاتها، والمشروعات السياسية التي أطلقتها لتطرح حلولًا لمشاكل العالم الحالية، في إعادة الاعتبار للسياسة الفلاحية بطرق تتحدى الأعراف النظرية. وقد اتضح هذا بخمسة سبل على الأقل.

أولا، لا فيا كامبيسينا أظهرت أن العالم الريفي ما زال أساسيًا في الاقتصاد العالمي والبيئة والسياسة وأن فهم أسباب وظروف وتبعات المشكلات التي تواجه الإنسانية يستلزم الاهتمام بالريف بنفس القدر. والنضالات التي قادتها الحركة ألقت الضوء على حقيقة أن عالم الريف (الفلاحي وغير الفلاحي) لا يزال يؤدي دورًا أساسيًا في العملية المستمرة والمتسعة المتمثلة في إعادة إنتاج رأس المال. يُعتبَر العالم الفلاحي والطبقات العاملة الريفية حدودًا أساسية للرأسمالية العالمية باعتبارها مصادر للعمالة والطبيعة الرخيصة وكذلك أسواقًا للسلع حيث تعمل الرأسمالية على معالجة أزماتها المتكررة الناجمة من فرط تراكم رأس المال (Patel and Moore 2017, Rasmussen and Lund 2018).[6] فقد صار الريف يؤدي دور «بالوعة الكربون» العالمية في خضم سعي الرأسمالية لمعالجة ما تسببت به هي من أزمة مناخية، أزمة لم تحدثها «سهوًا»، حسب فريزر (Fraser 2021)، ما أدى إلى أشكال متعددة من «الاستيلاء الأخضر»الاستيلاء الأخضر (green grabbing): يقصد به الاستيلاء على الموارد ومصادرتها بذرائع بيئية. (Fairhead et al. 2012, Ojeda 2012, Franco and Borras 2019) والسلع المرتبطة بالوقود الحيوي و«المحاصيل المرنة» (Fernandes et al. 2010, Borras et al. 2016). ومما أسهمت فيه لا فيا كامبيسينا توضيحُ كيف تسببت الرأسمالية بالتغير المناخي، وتحديد الرأسمالية كالمتسبب الأزمة البيئية المعاصرة (كما في Moore 2017). وقد فعلت هذا جزئيًا عن طريق المداوبة على تذكير العالم بأن الزراعة الصناعية الرأسمالية المستندة للوقود الأحفوري واحدة من أكبر العمليات المساهمة في انبعاثات غازات الدفيئة، وفي نفس الوقت فضح ما تسميه «الحلول الزائفة» للتغير المناخي[7] مثل «الزراعة الذكية مناخيًا» وبرنامج الأمم المتحدة التعاوني في مجال خفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها في البلدان النامية (REDD+)[8] وغيرها من الحلول المستندة للأرض/الطبيعة. وبدلًا من هذا تدافع عن فكرة العدالة المناخية+ (McKeon 2015, Newell 2022). لقد عملت لا فيا كامبيسينا بلا هوادة على أن تكشف كيف أدى التوجه الاستخراجي المعاصر إلى التنقيب عن الثروات في ريف العالم.[9] وقد نتج عن هذا توضيح ما تحتاجه النضالات المناهضة للرأسمالية من أرضية متينة في عالم الريف. لكن الجانب الآخر قوي بنفس القدر، ألا وهو أن النضالات الفلاحية يجب أن ألا تكون «فلاحية فقط» وأن ترتبط بالقضايا الأوسع التي تتعلق بالنظام بأكمله.

ثانيا، بينت لا فيا كامبيسينا أن الفلاحين يمكن أن يفرضوا مصالحهم الطبقية ويمثلوا أنفسهم ويتبنوا سياسة تقدمية أو حتى ثورية. ولدت الحركة كنتيجة مباشرة لموقفٍ عازم على جعل صوت طبقة الفلاحين الفقراء والمزارعين الصغار مسموعًا كصوت طبقي متميز، ومثلت هذه المصلحة الطبقية. كان تأسيس لا فيا كامبيسينا في 1993 عملًا سياسيًا حاسمًا في إنهاء سوء تمثيل الفلاحين في الاتحاد الدولي للمنتجين الزراعيين، وهو المنظمة الدولية للمزارعين التجاريين المتوسطين والكبار التي ادعت تمثيل كافة شرائح السكان العاملين بالزراعة. ومنذ ذلك الحين، تمكنت لا فيا كامبيسينا من تعزيز هذه الأيديولوجية السياسية والمصلحة الطبقية المتميزة بسبل عدة وفي ساحات مختلفة، منها المطالبة بالاعتراف والتمثيل لطبقة الفلاحين الفقراء والمزارعين الصغار، وهو ما يعتبر مختلفًا بشكل ملحوظ عما كان قائمًا قبل 1993. فقد كان الاتحاد الدولي للمنتجين الزراعيين يرى في الاتفاقية العامة للتعريفات الجمركية، والتجارة وبعدها منظمة التجارة العالمية، فرصة اقتصادية للمزارعين الموسرين، أما لا فيا كامبيسينا فرأت فيها تهديدًا للمزارعين الصغار والفلاحين الفقراء. وقد جاء هذا كرد موبخ على قسم من الماركسيين التقليديين المعاصرين الذين يعتبرون الفلاحين كما «البطاطا في كيس» عاجزون عن تمثيل أنفسهم، متبعين إحدى كتابات ماركس الأكثر تأثيرا وهي (الثامن عشر من برومير – لويس بونابرت) المنشورة عام 1852 (Marx 1968)، رغم الاختلاف الكبير بين الفلاحين المعاصرين والفلاحين الفرنسيين الذين تحدث عنهم ماركس في منتصف القرن التاسع عشر. لقد كان ماركس في توكيده على الطبيعة المتشرذمة للنظم الفلاحية في الإنتاج ونمط الحياة يتحدث عن الموقف السياسي المحافظ للفلاحين الفرنسيين في فرنسا منتصف القرن التاسع عشر تقريبًا. وكان مقتنعا أن الفلاحين:

لذلك يعجزون عن فرض مصلحتهم الطبقية باسمهم الخاص سواء أكان ذلك بواسطة برلمان أو هيئة تشريعية.الكونفانسيون (Convention): هيئة تشريعية عليا في فرنسا أنشئت في زمن الثورة البرجوازية الفرنسية في أواخر القرن الثامن؛ وقد دامت من 20 سبتمبر 1792 حتى 26 أكتوبر1795. وممثلوهم يجب أن يظهروا في نفس الوقت وكأنهم سادتهم.. كسلطة عليهم.. كقوة حكومية غير محدودة تحميهم من الطبقات الأخرى وترسل لهم الغيث وضوء الشمس من أعلى. (Marx: 1978، ص 170-171)

ثالثا، بينت لا فيا كامبيسينا الأهمية والإمكانيات الكامنة في تعددية المنظمات والتحالفات الحركية، ونطاقات، ومواقع، وأشكال النضالات المناهضة للرأسمالية. وقد تحدى هذا تاريخًا طويلًا من العصبوية في الحركات السياسية يسارية التوجه ذات القيادات الحزبية، المعروفة بانشقاقاتها الداخلية المستمرة التي لطالما دفعتها القناعة الجامدة بوجود تحليل وتنظيم واستراتيجية وشكل نضال سليم واحد فقط، وأن أي اختلافٍ عنه لا بد وأنه خطأ واجبٌ نبذه، وأن غير المتسقين يجب – أحيانًا – التخلص منهم باعتبارهم معادين للثورة. ومن النماذج على ذلك، الميل الموجود عند الحركات اليسارية الثورية التي تعتبر النضال المسلح السري هو الشكل الأساسي للنضال وكل الأشكال الأخرى (مثل العمل البرلماني القانوني والحركات الجماهيرية القانونية المفتوحة) ثانوية وتابعة له. والكثير من الحركات الجماهيرية الفلاحية المفتوحة في الجيل القديم من النضالات الثورية كان لها خبرات صعبة في هذا الصدد (انظر على سبيل المثال Putzel 1995). وقد تحدت الكثير من المنظمات العضوة في لا فيا كامبيسينا، ولا فيا كامبيسينا نفسها باعتبارها الحركة الدولية الجامعة هذا التقليد الأداتي وانفصلت عنه.[10] انفصلت لا فيا كامبيسينا كذلك عن تقليد طويل في العمل السياسي الفلاحي اقتصر فيه نطاق التعبئة والتنظيم على المستوى الوطني ودون الوطني، وذلك بإضافة مستوى وموقع جديد هو الدولي. لقد أعطت لا فيا كامبيسينا أهمية كبيرة للجهود التنسيقية التي تجمع التحالفات والمنظمات والحركات العاملة في نطاقات متنوعة موجودة في مواقع مختلفة وتتبع أشكالًا مختلفة من الأفعال والنضالات الجماعية بطريقة تتضح في تصنيف رايت للنضالات المناهضة للرأسمالية في القرن الواحد والعشرين (Wright 2019). ومن ثم، استحثت الحركة نفسها دراسة نطاقات العمل (Iles and Montenegro 2015, Roman-Alcala 2016).

رابعا، ساهمت لافيا كامبيسينا في التأسيس العالمي لفكرة ومشروع سياسي يسعى لصياغة مستقبل إيجابي بديل بعيد عن الرأسمالية، وقريبٍ من الأفق الاشتراكي. وفقًا لمنطق فريزر في نقدها للنضالات البيئية باعتبارها «بيئية فقط» وعاجزة عن الاتصال بشكل متسق بالنضالات والقضايا المنظومية الأوسع (Fraser 2021)، يمكن اعتبار بعض المنظمات الوطنية ودون الوطنية العضوة في لا فيا كامبيسينا أقرب لما يمكننا أن نسميه «فلاحية فقط». ولكن لا فيا كامبيسينا نفسها كحركة دولية ليست كذلك بالطبع. الاتحاد الدولي للمنتجين الزراعيين هو التنظيم الدولي الذي كان يمثل قطاع الزراعة في المنتديات الدولية التي تضم الحكومات من 1946 إلى 2010، وكان يسعى لمستقبل للعالم الريفي مستند بشكل راسخ إلى المنطق الرأسمالي. وحين أنهت لا فيا كامبيسينا الاحتكار المؤسسي الذي مثله الاتحاد الدولي، كان في ذلك تحدٍّ حاسم أيضًا لفكرة الاتحاد الدولي لمستقبل إيجابي في إطار الرأسمالية. اعتنقت الحركة موقفًا تجاه الرأسمالية واعتبرتها جذر مشكلات الإنسانية، ما يطعن في القناعة بإمكانية إيجاد مستقبل إيجابي في إطار الرأسمالية. إنّ السيادة الغذائية والزراعة الإيكولوجية، رغم أنهما ليستا على نفس مستوى الرأسمالية، كنظام اجتماعي، تستهدفان مكونات أساسية في النظام الاجتماعي الرأسمالي (النظام الغذائي الزراعي الصناعي، أنظمة الغذاء العالمية، أنظمة ملكية الطبيعة/الموارد)، وتضعان في نفس الوقت بعض اللبنات لتأسيس نظام اجتماعي بديل متجاوز للرأسمالية، ربما يكون شكل ما من الاشتراكية البيئية (Fraser 2021). ويعتبر هذا رفضًا غير مباشر لافتراضات قائمة منذ وقت طويل بين قسم من الماركسيين التقليديين تصور الفلاحين كمحافظين ورجعيين بشكل عام (وحينما وأينما يكونوا تقدميين، يُنظَر إليهم باعتبارهم مخطئين سياسيًا). ويعزى ذلك جزئيًّا إلى دوافعهم البرجوازية الصغيرة المتعلقة بالملكية الخاصة الصغيرة (قطعة الأرض الصغيرة التي يملكونها).

خامسًا، «متضائل، لا مضمحل» – هكذا صاغت لا فيا كامبيسينا صورة الوضع الحالي للعالم الفلاحي في ظل الرأسمالية العالمية النيوليبرالية وما يجب أن يصبح عليه في المستقبل. إن شعارات لا فيا كامبيسينا مثل (صغار المزارعين يغذون العالم) تناقض بشكل مباشر الظرف الحالي للزراعة والريف في العالم كما تصورها عبارات مثل «زراعة بدون مزارعين» و«ريف بدون ناس». شعار لا فيا كامبيسينا ومقولات مثل «صغار المزارعين المستدامين يبرّدون الكوكب» تعيد الاعتبار للزراعة الفلاحية في حقبة تغير المناخ. وتعبر عن المساهمة المبدعة للحركة: نضالات مبتكرة وطموحة ومستندة لأسس تاريخية من أجل مستقبل إيجابي. حين يُنظَر للنضالات الفلاحية من خلال عدسة هذا النوع من التعامل التاريخي، فهي ليست بالضرورة غارقة في الحنين ورجوعية وطوباوية رومانسية. إن عدد المزارعين ومساهمتهم الاقتصادية الكلية في الاقتصادات الوطنية يتضاءل بالمعنى النسبي، لكن الريف لم يضمحل سياسيًّا. الناس، وخاصة الشباب منهم، يهجرون المناطق الريفية، أو تتحول بسرعة إلى حواضر، لكن الحالة الريفية نفسها – في المجالين الفلاحي وغير الفلاحي – ما زالت محتفظة بطابعها المادي وقدرتها على جذب الاهتمام ليس فقط من الطبقات العاملة بل ومن الدولة ورأس المال الكبير أيضًا. بالنسبة لرأس المال الكبير، يمثل عالم الريف ينبوعًا تجلب منه الموارد لإعادة إنتاج رأس المال المتوسعة بلا نهاية وبالوعة يتخلصون فيها من نفايات الإنتاج الرأسمالي. بالنسبة للطبقات العاملة الباقية أساسًا في المناطق الريفية، يوفر الريف المساحة والأدوات الخاصة بالإنتاج وإعادة الإنتاج الاجتماعي. أما بالنسبة للطبقات العاملة ذوي الأصول الريفية، الذين يجمعون بين المساحات الريفية والحضرية بمرونة، فالمساحات الريفية توفر مصدرًا أساسيًا لموارد أنشطة الإنتاج وإعادة الإنتاج الاجتماعي التي تكمل عملهم الإنتاجي الأساسي، والأبعد، ومكانًا للنقاهة والتقاعد (Ye et al. 2013, Shah and Lerche 2020, Borras et al. 2022a). وسيؤدي الريف في المواجهة المعاصرة مع الرأسمالية العالمية وفي بناء مستقبل بديل دورًا أكبر كثيرًا من حجم سكانه الحالي ومساهمته الاقتصادية بالمعنى النسبي.

إن النضالات السياسية من أجل عالم أكثر عدلًا وإنصافًا ولطفًا هي نضالات تاريخية بالضرورة. يقتضي هذا مركزية الديناميات المؤقتة – بمفهوم بلوك وهوبزباوم – أي: ترابط الماضي والحاضر والمستقبل (Bloch 1992 [1954], Hobsbawm 1971). لكن بالنسبة لنضالات العدالة الاجتماعية، فالمستقبل ليس شيئا يُنتظر حدوثه وإنما هو شيء يُتخَيَّل ويبنى بشكل واعٍ استنادًا إلى مفاهيم معيارية للقيم والعدالة. ومن ثم، لا يُنظر للمستقبل من منظور (ما يمكن أن يكون) المحايد قِيميًا، وإنما من خلال إطار هادف أخلاقيًا: (ما يجب أن يكون). ومن ثم، يربط المسار الحالي للنضالات ما كان بما يكون وما يجب أن يكون. إن الأهمية السياسية للحركات الفلاحية الصغيرة في لا فيا كامبيسينا الموجودة في شمال إسبانيا قليل السكان، على امتداد كامينو دي سانتياجو (طرق سانتياغو دي كومبوستيلا)، وخاصة في منطقة ميسيتا، لا توازي وزنها الحالي كفئة اقتصادية اجتماعية، بل توازي الوزن السياسي لما تمثله في عالم مستقبلي بديل مختلف بشدة عن المجتمعات الفلاحية الحالية الموجودة على امتداد طريق كامينو. وبكلمات ماكمايكل (McMichael 2008) وهو يعيد صياغة ما قاله ماركس: «الفلاحون لا يصنعون تاريخهم كما يريدون…» («لا يصنعونه في ظروف يختارونها بأنفسهم وإنما في ظروف يواجهونها ويتلقونها وينقلها لهم الماضي» Marx 1968 [1852] ، ص 98). قيادتها فيما يسميه توني ويز «المعركة من أجل مستقبل الفلاحة» (Weis 2007) هي ما تعطي ثقلًا سياسيًا لحركة لا فيا كامبيسينا، خاصة حين تخاض المعارك على أرضيات صعبة جدًا مثل القرى الزراعية المنهارة على طول طريق كامينو دي سانتياجو.

وفي النهاية، ليس مستغربًا أن لا فيا كامبيسينا اتسمت بالقوة في العقود الثلاثة الماضية وكانت في صدارة النضالات المعاصرة ضد الرأسمالية. ربما المفارقة هي أن الحجم الضخم والمتزايد باستمرار للقطاع غير الرسمي – «العمال غير المستقرين» أو «طبقات العمالة» – لم ينتج بالمثل حركة طبقية منظمة وحيوية بنفس الحجم والشدة والتأثير الملهمين للا فيا كامبيسينا. «لماذا هذا الوضع؟» يجب أن يصبح هذا سؤالًا بحثيًا عاجلًا. قد تبين بعض الدراسات الحديثة بعض المسارات في هذا الصدد مثل أعمال شاه وليرش (2020) وباتيدين (2023).

هذه المساهمات الخمس التي قدمتها لا فيا كامبيسينا للنضالات المناهضة للرأسمالية وإعادة تخيل وبناء مستقبل إيجابي ليست المساهمات الإيجابية الوحيدة التي قدمتها لإعادة الاعتبار للسياسة الفلاحية. فعلى سبيل المثال، أدت لا فيا كامبيسينا دورًا هامًا في النضالات النسوية وإن كانت في خضم هذه العملية استفادت أبلغ الاستفادة من سياسة النسوية (Calvario and Desmarais 2023, Rodriguez and Sosa 2023). كانت لا فيا كامبيسينا والحركات المنظمة المضوية في لوائها في صدارة النضالات ضد الشعبوية الرجعية في العديد من البلدان (Scoones et al. 2018, Coronado 2019, Mamonova and Franquesa 2020, Monjane and Bruna 2020, Sauer 2020). وقدمت الحركة أيضا مساهمات عديدة في ما وصفه فوكس (1990) بتعبير «دمقرطة الريف» (انظر أيضًا Levkoe 2006, Wittman 2009) والدمقرطة بشكل أعم.[11] لكن المساهمات الخمس التي تناولناها أعلاه تحدت بعض الافتراضات الأكثر رواجًا سواء في الدراسات البحثية أو السياسة العملية اليسارية. فعلاوة على مساهمات لا فيا كامبيسينا في إعادة الاعتبار للسياسة الفلاحية، غيرت الحركة أيضا من سياسة المعرفة. وننقل نقاشنا الآن لهذا الملف.

إحداث تغيير في سياسة المعرفة

من ينتج المعرفة وينسبها إليه وينشرها؟ ومن يستخدم أي نوع منها؟ وأي معرفة، ومعرفة من، تحدث أي أثر في العالم؟ هذه كلها أسئلة جوهرية عن سياسة المعرفة (Scoones 2009, Ribot 2022). يساعدنا تأطير سياسة المعرفة على هذا النحو أيضًا على تحديد ميادين أساسية في دوائر المعرفة العالمية – مساحات إنتاج المعرفة وإحالتها لأصحابها ونشرها وتبادلها واستخدامها. هذا المركب المعرفي العالمي – خاصة في علاقته بعالم الريف – تغير إلى حد ما بسبب لا فيا كامبيسينا. وقد حدث هذا بأربع طرق على الأقل.

أولا، لا فيا كامبيسينا غيرت موضوع النقاش وأحدثت تحولا في أجندة سياسة المعرفة. لقد كان الأكاديميون والدول ورأس المال الكبير يهيمنون بشكل سيء في تحديد مواضيع البحث والنقاش. وبناء على توازن القوى الاجتماعية بين هذه القوى الثلاث، يقرر أحدها أو أكثر أي معرفة، ومعرفة من، هي القابلة للاعتماد والطرح والتأثير على الحياة الاجتماعية في العالم. في مجال الأغذية الزراعية العالمية، غيرت لا فيا كامبيسينا موضوعات النقاش وأحدثت تحولا في أجنداته حتى لو بشكل جزئي فقط. وأنهت مفهوم «الأمن الغذائي» الذي كان لا يجادل فيه أحدٌ في الحقبة السابقة على 1993، وطرحت بدلًا منه فكرة «السيادة الغذائية» ومشروعها السياسي (Patel 2009, Wittman et al. 2010, Edelman et al. 2014). قد يكون مفهوم السيادة الغذائية واضحًا للكثيرين في أيامنا هذه، لكنه لم يكن هكذا في بداية تسعينيات القرن العشرين.[12] لم تكن صياغة مفهوم السيادة الغذائية مجرد تعبير عن إبداع الحركة فيما يتعلق بإنتاج المعرفة وإنما كان فعلا جريئًا من الناحية السياسية أيضًا. فبتوضيح ما يجب أن يكون، أوضحت لا فيا كامبيسينا بشكل ملموس مضمون النظام الغذائي العالمي. وبتوضيحها ما يجب أن يكون، تمكنت من إلهام الأجيال الأصغر للمشاركة في امتلاك النضال، فحلت جزئيًا أحد الأسئلة الأكثر صعوبة في الاقتصاد السياسي الفلاحي اليوم وهو السؤال الجيلي. معظم شباب الريف يتركون الزراعة (White 2020)، أو في حالة أوروبا فالشباب الذين يرغبون في دخول الزراعة لا يستطيعون تحمل تكلفة ذلك (Ody and Shattuck 2023). فأصبحت الحركة واحدة من أهم العدسات التي يستخدمها الكثيرون ليفهموا كيف لذاك المفهوم المبهم للرأسمالية العالمية أن يعمل وينتشر في الحياة اليومية للبشر العاملين.

نهضت لا فيا كامبيسينا بمقدار ضخم من العمل لتغيير موضوعات النقاش وتحدث تحولًا في أجندات سياسة المعرفة، ويمكن رؤية هذا في عناصر أخرى من مشروعاتها السياسية مثل تلك المتعلقة بالزراعة الإيكولوجية والإصلاح الزراعي وسياسة الأرض، والنضالات المتعلقة بالأرض والتجارة الدولية والأغذية المعدلة وراثيًا وسياسات البذور، واحتكار الشركات والسيطرة على الأنظمة الغذائية وإنتاجية المزارع الصغيرة والتغير المناخي.[13] بعض الموضوعات الأكثر انتشارًا في البحوث الأكاديمية في العقد الماضي ونحوه كانت من صياغة وطرح لا فيا كامبيسينا وحلفائها. الشكل رقم 1 عبارة عن تجميع من Web of Science (الشبكة العلمية) بين عامي 1975 و2020 لتكرار استخدام أربع كلمات/عبارات مفتاحية مرتبطة بشدة بالحملات السياسية للا فيا كامبيسينا: الزراعة الإيكولوجية، السيادة الغذائية، الإصلاح الزراعي، النضالات ضد الاستيلاء على الأراضي. يمكننا أن نرى أن تكرار استخدامها بدأ يزداد في منتصف العقد الأول من القرن الواحد والعشرين وزاد بشكل مطرد منذ ذلك الحين.[14] ومن المهم هنا ملاحظة أن هذه البيانات تغطي منشورات أكاديمية، وليس فقط لكتاب ألهمتهم أفكار لا فيا كامبيسينا بل ومنتقدي الحركة كذلك. ومن ثم، يمكننا أن نرى كيف أحدثت لا فيا كامبيسينا التغيير في موضوعات وأجندة البحث الأكاديمي – هذه حقيقة يعترف بها (ربما على مضض) بعض منتقدي لا فيا كامبيسينا. وعلى الأرجح أثرت الحركة بالفعل على القضايا التي ستبرز في المستقبل في الدراسات الفلاحية النقدية (انظر: Shattuck et al. 2023).

شكل رقم 1: كلمات مفتاحية مختارة – Web of Science (1975-2020)

ثانيا، ساهمت لا فيا كامبيسينا في دمقرطة صفوف منتجي المعرفة. لقد كان الأكاديميون والدول ورأس المال الكبير هم المهيمنون على صياغة المعرفة. وتنخرط أقسام من تلك الكيانات في صراع مستمر من أجل الهيمنة، رغم أن المعارف التي تنتجها وتقدمها الأكاديميا هي التي التي تلقى قبولًا دائمًا تقريبًا باعتبارها «علم حقيقي»، أما المعارف التي لا تحظى بختم الأكاديميا فتنحى وتُعتبَر مفتقرة للجدارة. لم تتحدى لا فيا كامبيسينا هذا فقط بل ساهمت في الدمقرطة المستمرة – حتى لو بدرجة متواضعة فقط حتى الآن – للإنتاج المعرفي عن طريق إضافة الطبقات العاملة الريفية مثل الفلاحين الفقراء والشعوب الأصلية والصيادين التقليديين والرعاة الصغار إلى صفوف المعترف بهم كمنتجين شرعيين للمعرفة. الزراعة الإيكولوجية نموذج للمعرفة التي لا تنشأ من الأكاديميا، ولا يُعترَف بها جيدًا في المؤسسات الأكاديمية السائدة، ولا تحظى بالقبول بين قسم معين من الأكاديميين الماركسيين. ورغم هذا ازداد قبولها بشكل مطرد كعلم حقيقي وشرعي من قبل عدد متزايد من الأفراد والمجموعات حول العالم، وتوغلت – ببطء لكن بثبات – في الأكاديميا السائدة وفي مساحات الحوكمة العالمية، مثل منظمة الأغذية والزراعة، ومشروع التقييم الدولي للمعارف والعلوم والتقنيات الزراعية من أجل التنمية (IAASTD) (IAASTD 2009, Perfecto and Vandermeer 2010, Lieblein et al. 2012, Mendez et al. 2013, Rosset and Altieri 2017, Rosset et al. 2019, Val et al. 2019, Herren et al. 2020).[15] لم تخترع لا فيا كامبيسينا الزراعة الإيكولوجية وليست الجهة الوحيدة التي تحاول طرحها والترويج لها، لكنها أدت دورًا أساسيًا في جلب الزراعة الإيكولوجية تحت الأضواء في العالم كما تستحق، وقدمت الطاقة السياسية اللازمة ووفرت المظلة السياسية الاجتماعية المتمثلة في «السيادة الغذائية» و«العدالة المناخية» التي يمكنها من خلالها اكتساب شعبية وقبول ودعم أوسع نطاقًا (Altieri and Toledo 2011, Rosset et al. 2011, Ajl 2021).

ثالثا، وسّعت لا فيا كامبيسينا من مساحة تداول المعرفة فجعلتها جماعية ومتنوعة ووسعت من صفوف مستخدمي المعرفة. إن تحديد أي معرفة تُتَداوَل، من قبل من لمن، ومن أين لأين، وكيف، هي مسألة كان يتحكم فيها بشكل تقليدي الأكاديميا والدول ورأس المال الكبير. أصبحت دائرة التداول والتبادل هذه نفسها صناعةً بمليارات الدولارات تضم هذه الجهات الرئيسية الثلاث، وتشكل مؤسسة عالمية تحدد هيكل القدرة على الوصول للمعرفة – أي: من يكون على أي جانب من الحاجز الذي يتحكم في إتاحة المعرفة المنشورة بشكل رسمي، خاصة الكتب والمجلات المطبوعة. جزء من هذا يعود لما فعلته النيوليبرالية بالجامعات حول العالم (Burawoy 2014). فعلاوة على تغيير الأجندة ودمقرطة صفوف منتجي المعرفة، غيرت لا فيا كامبيسينا أيضًا مجال تداول المعرفة خارج الأكاديميا وعبرها وداخلها. لقد أفشت لا فيا كامبيسينا عمليات التعلم المباشر، من الناس إلى الناس، وعززتها بمبادرات (من المزارع للمزارع) التي تعتبر هامة وفعالة بعدة طرق وتتم خارج الأكاديميا (Holt-Gimenez 2006). وعززت أيضًا تداول المعرفة من خلال الأكاديميا عن طريق تكوين أشكال مختلفة ومتعددة المستويات من التحالفات مع أكاديميين راديكاليين وباحثين نشطاء، مع استخدام هذه التحالفات لنشر المعرفة من ساحات النضال للأكاديميا ومن الأكاديميا لساحات النضال. وعن طريق تغيير موضوعات وأجندة البحوث، اكتسبت لا فيا كامبيسينا بعض النفوذ داخل المؤسسات التقليدية وجندت مناضلين وداعمين داخل الأكاديميا سهّلوا بدورهم المزيد من تداول المعرفة البديلة أو المكملة أو كلتاهما في الأكاديميا[16] (Edelman 2009, Montenegro de Wit et al. 2021b, Duncan et al. 2021; see also Hale 2006).[17]

علاوة على هذا، حسنت لا فيا كامبيسينا من انتشار المعارف المعنية من ساحات النضال وإليها عن طريق تحدي احتكار اللغة الإنجليزية في سياسة المعرفة العالمية. وناضلت ضد استخدام اللغة لحرمان الفلاحين الفقراء سياسيًّا (سواء عن قصد أو لا) بوضعها عائقًا أمام المشاركة الديمقراطية والتمثيل الحقيقي. وقد جرى هذا النضال داخليًّا في الحركة وخارجيًّا في عملها في مساحات مؤسسية متنوعة مستقلة عن الدول وفيما بين الدول. أجريت الاجتماعات الداخلية للحركة دومًا بعدة لغات ومعظم أنشطتها الخارجية سواء مع جهات من المجتمع المدني أو جهات حكومية دولية تجرى بنفس الطريقة. لم يتحقق هذا بسهولة وتلقائية، إنما بذلت الحركة الكثير من الجهد لإحداثه. من السهل حاليًّا التعامل مع هذا المكتسب كأمر تافه أو هامشي. ولكن يجب أن نتذكر أن الحال لم تكن على ذلك أبدًا عام 1993، وأنه بدون هذا التغير الراديكالي كان سيبقى صوت الفلاحين الفقراء وصغار المزارعين غير مسموع عمليًّا وسياسيًّا. ومن الأمور المتصلة بهذا – التي كانت مكونًا هامًا في صعود الحركات الزراعية العابرة للحدود الوطنية مثل لا فيا كامبيسينا – بروز «كوزموبوليتانيين متجذرين» (باستخدام تعبير تارو الذي كتبه في 2005) بين صفوف قادة الحركة الزراعية تمكنوا من التغلب على العوائق اللغوية خاصة في أثناء سنوات بناء لا فيا كامبيسينا، بالإضافة إلى مجموعة من المترجمين الملتزمين سياسيًّا الذين إما يعملون بالمجان أو مقابل ما يسمى بـ «أسعار تضامنية» (أي: أسعار أقل كثيرًا من السائد). إنهم يؤدون دورًا أساسيًّا وإن كانت مساهماتهم في معظم الأحوال غير مرئية وخاصة بالنسبة لمن هم خارج الحركة.

رابعا، ساهمت لا فيا كامبيسينا في تطوير مجموعة متعددة من مناهج العمل المعرفي. المنهج السائد حتى الآن كان العمل المعرفي الذي يبادر به واحد أو أكثر من هؤلاء (الأكاديميون – الدول – رأس المال الكبير) ويكون فيه عالم الريف والطبقات العاملة الريفية مجرد موضوعات لتلك البحوث ومستخدمين للمعرفة. وبرفضها لذلك المنهج في العمل المعرفي، ساهمت لا فيا كامبيسينا في تقوية ثلاثة مناهج مختلفة متعددة المواقع: (أ) تضع الحركة الأجندة بشكل مستقل ثم يأتي الباحثون ويعملون في إطار الحدود التي حددتها الحركة، (ب) يحدد الأكاديميون الراديكاليون الأجندة وتشتبك الحركات الفلاحية معها، و(ت) الحركات الفلاحية الراديكالية والأكاديميون النشطاء يضعون الأجندة معًا. وتقع الأعمال المعرفية التي تنخرط فيها لا فيا كامبيسينا بشكل أو بآخر في واحد أو مزيج من هذه الأنماط الثلاثة، ويتوقف هذا على السياق المحدد وتواريخ الاشتباك بين الباحثين الأكاديميين والنشطاء والمنظمات والحركات. الهم الأساسي للحركة هو تفسير العالم بطرق متعددة من أجل تغييره والمضي قدمًا نحو درجات أعلى من العدالة الاجتماعية وجعل العالم أكثر عدالة ولطفًا. لنقطة البدء هذه تبعات هامة على كيفية فهم عملية البحث، فمغزى التوقيت (الختام التحليلي وتوقيت البحث ومخرجاته) وتراتبية أشكال مخرجات العمل المعرفي والكثير من الجوانب الأخرى قد تكون كلها مختلفة تمامًا عن العمل الأكاديمي البحت. لا بد أن نتجه هنا بموجب نقطة أساسية، وهي ضرورة احترام استقلالية حركة لا فيا كامبيسينا، مثلما على الحركة احترم استقلالية الأكاديميين والنشطاء الباحثين في وضع أجندتهم ومنهج عملهم ومخرجات البحث الخاصة بهم، إلخ.[18] وهذا يعتبر توكيدًا للتعددية في السياسة المعرفية.

المشاركة في تأسيس حقل الدراسات الفلاحية النقدية

تنشأ العلوم الاجتماعية النقدية مثل الدراسات الفلاحية النقدية (Edelman and Wolford 2017, Akram-Lodhi et al. 2021) عبر جدلية تأسيس الحقل المعرفي «من أعلى» و«من أسفل».[19] يقتضي بناء الحقل «من أعلى» مبادرة الباحثين النقديين العاملين في الأكاديميا والمؤسسات البحثية الذين يشتبكون مع أولئك العاملين «من أسفل». ويشير البناء «من أسفل» إلى الجهود التي يقوم بها من يعملون أساسًا في ساحات النضال الذين يشتبكون مع الباحثين العاملين في الأكاديميا وغيرها من المؤسسات البحثية المستقلة الرسمية. يمكن لكل تيار منهما بمفرده أن يقدم مساهمات مهمة لبناء حقل معرفي معين. لكن حين يلتقي التياران يمكن أن تنشأ تيارات جديدة. حين بدأ التياران المنخرطان في العالم الفلاحي بالتفاعل، بدأ حقل الدراسات الفلاحية النقدية يأخذ شكلًا متماسكًا. والبناء المشترك «من أعلى» و«من أسفل» هو مصدر ونتيجة السمات الثلاث المميزة المتشابكة لحقل الدراسات الفلاحية النقدية: مشتبك سياسيًّا، وتعدديٌّ، وأممي (Borras 2023). نهضت لا فيا كامبيسينا بدور أساسي في المشاركة في تأسيس حقل الدراسات الفلاحية النقدية «من أسفل».

تبحث الدراسات الفلاحية النقدية في أسباب التحولات المجتمعية وظروفها وتبعاتها عن طريق تركيز تحليلها على التفاعل بين الأبنية والمؤسسات والفاعلين الاجتماعيين الذين يشكلون عمليات التغيير في عالم الريف وفيما يتعلق به. والدراسات الفلاحية النقدية تهتم بالأسئلة المتعلقة بفاعلية مجموعات المستغلَّين والمقهورين والمهمشين في المساحات المتشابكة بين الصناعة والزراعة وبين الريف والحاضرة، خاصة استقلاليتهم وقدرتهم على تفسير – وتغيير – ظروفهم من أجل تحقيق درجات أعلى من العدل والعدالة حتى لو كان «العدل» و«العدالة» مفهومين محل اختلاف. وهي نقدية بثلاثة طرق: فهي تشتبك بالأسئلة مع النظريات النيوليبرالية السائدة، وهي متعاطفة مع الحركات الاجتماعية الراديكالية والبدائل التي تقترحها، لكنها حريصة على التدقيق فيها من حيث النظرية والممارسة، وتطرح الأسئلة وتعمل على تغيير مؤسسات دوائر المعرفة العالمية نفسها (Castree 2000). واليوم تتميز الدراسات الفلاحية النقدية بثلاث سمات متداخلة (الاشتباك السياسي والتعددية والأممية) باعتبارها قائمة فعلًا وباعتبارها نقاطًا مرجعيةً نطمح إليها. وهذه السمات تربط عالم السياسة العملية وعالم البحوث الأكاديمية معًا. وتتمحور مناهجها حول الأسئلة الجوهرية الموجِهة للاقتصاد السياسي، فترتكز على العلاقات الاجتماعية للملكية والعمل والدخل والاستهلاك وإعادة الإنتاج وعلى كيفية نشوء علاقات القوة وتحديها وتحولها. ومن هنا، تتفرع بشدة لتتداخل مع قضايا وثيمات أخرى متعلقة بالعمليات الاجتماعية والمجالات والتخصصات والتقاليد الفكرية. يرجع أصل حقل الدراسات الفلاحية النقدية إلى ما يمكن أن يُطلَق عليه «الدراسات الفلاحية الكلاسيكية» التي كانت سائدة في القرن الماضي.[20]

وقد شاركت الحركة في تأسيس الدراسات الفلاحية النقدية كحقل أكاديمي بشكل مباشر وغير مباشر وعن قصد ودون قصد. وأجندته ومناهجه في العمل تعكس تلك المناهج والأجندات التي تروج لها لا فيا كامبيسينا أو تتجنبها. وقد جمعت الدراسات الفلاحية النقدية بين النقاشات الأكاديمية وتناقضات السياسة العملية. ولهذا السبب، سيتشكل مستقبل هذا الحقل المعرفي إلى حد ما وفقًا لمستقبل الحركة ومشروعاتها السياسية.

وقد صاغت الحركة وقادت، إلى حد كبير، النضالات السياسية المناهضة للرأسمالية في الريف وما يتعلق به في العقود الثلاثة الماضية. فالاشتباك الأكاديمي مع القضايا الساخنة التي تواجه عالم الريف يعني بالضرورة الاشتباك جزئيًّا على الأقل مع لا فيا كامبيسينا ومشروعاتها السياسية بشكل مباشر أو غير مباشر، ومن هذه القضايا الساخنة التجارة الحرة والنظام الغذائي العالمي الذي أنتج مليار جائع ومليار شخص يعانون من نقص وفرط التغذية والزراعة المعتمدة على الوقود الأحفوري التي تساهم بشكل كبير في تغير المناخ، وانتزاع الأراضي، والزراعة المعتمدة على المزارع الضخمة التي تزرع محصول واحد بدون بشر، وما إلى ذلك (de Schutter 2011, Li 2011, White et al. 2012, McMichael 2013, Hall et al. 2017, Patel and Moore 2017, Levien 2018, Grajales 2021, Li and Semedi 2021, Wolford 2021, Wolford et al. 2013). ونقد أي من المشروعات السياسية للحركة – مثل السيادة الغذائية والزراعة الإيكولوجية – له جانب آخر. فلو لم تكن السيادة الغذائية والزراعة الإيكولوجية هما الإجابة (أي لن تتمكنا من إطعام العالم، ولن تتمكنا من إنتاج مقدار كاف وبطريقة مستدامة، إلخ) فيجب أن يُطرَح على المُنتقِد السؤال: ما البديل الناجع إذن؟ منتقدو السيادة الغذائية والزراعة الإيكولوجية صامتون بشكل مثير للفضول فيما يتعلق بأفكارهم حول النظام الغذائي البديل (والحركة الجماهيرية المصاحبة) الذي سيكون فعالًا في حقبة يعاني فيها مليار إنسان من مشاكل صحية مرتبطة بالغذاء مثل السمنة ومليار آخر يعاني من الجوع… حقبة تغير مناخي فيها نظام غذائي صناعي مستند إلى الوقود الأحفوري ومرتكز على الزراعة كبيرة الحجم يساهم بما يبلغ 40٪ من انبعاثات غازات الدفيئة. ولا أريد أن افترض أن بديلهم هو نفس النظام الغذائي الصناعي المستند إلى الوقود الأحفوري إنما مع إضافة بعض التنبيهات بخصوص العدالة والإنصاف. أم هو كذلك؟

تحديد لا فيا كامبيسينا للأهمية السياسية للموضوعات والتوقيت السياسي المناسب يؤثر بلا شك على الأكاديميين ويدفعهم للاشتباك مع القضايا التي تطرحها. ويتضمن هذا من لا يدعمون الحركة أو يتشككون فيها وفي مشروعاتها السياسية (أو جوانب منها) مثل برنستين (2014) وأرغوال (2014) ويانسن (2015) وهندرسون (2018) وسوبر (2020) على سبيل المثال، فيما يتعلق بالسيادة الغذائية والزراعة الإيكولوجية. وأما الأكاديميون المقتنعون بالحركة ومشروعاتها السياسية فالانخراط السياسي يؤدي – بشكل مباشر أو غير مباشر، وعن قصد أو دون قصد – إلى إقناعهم أو دفعهم أو التأثير عليهم، بشكل أو بآخر، لكي يتبنوا موقفًا تعدديًّا بخصوص الموضوعات المطروحة، ومنها تقدير تعددية النضالات المناهضة للرأسمالية من حيث التنظيمات والأصعدة والمواقع والأشكال. ومن ثم فجملة الأكاديميين الراديكاليين المنخرطين، بدرجة كبيرة أو صغيرة من التعاطف مع لا فيا كامبيسينا أو مواقفها أو مشروعاتها السياسية أو معها كلها، يتراوحون بين التيارات المختلفة للاقتصاد السياسي الفلاحي الماركسي والتحورات المتعددة للشعبوية الفلاحية الراديكالية من ناحية، وبين الماركسية الإيكولوجية والاشتراكية البيئية والأناركية من ناحية أخرى (مثل: Magdoff et al. 2000, Petras and Veltmeyer 2001, Ashwood 2018, Holleman 2018, Dunlap 2018, Akram-Lodhi 2021, Roman-Alcala 2021, Grubačić et al. 2022, Kass 2022) بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من المجالات والمجتمعات المبنية عن طريق تجميع عناصر التقاليد الفكرية القائمة، مثل الإيكولوجيا العالمية (Patel and Moore 2017, Patel 2022) والنظام الغذائي (Friedmann and McMichael 1989, McMichael 2013) وتوجّه «بيئية الفقراء» للعدالة البيئية ( Martinez-Alier 2003) والتيارات المتنوعة في توجه «تقليص النمو» (Gerber 2020, Guerrero et al. 2023). وقد يعني هذا أيضًا أن الأكاديميين المنجذبين للحركة أو مبادراتها يؤمنون مسبقًا بالمقاربات الشعبوية. وأخيرًا، يمكن إيجاز الموقف الأممي الذي تتخذه لا فيا كامبيسينا بخصوص أجندات ومناهج العمل في شعارها الأساسي: «عولمة النضال.. عولمة الأمل». ويعني أن الحل يجب أن يكون عالميًا، وفي نفس الوقت متجذرًا بعمق في المجتمعات المحلية، طالما أن المشاكل عالمية وجذورها أيضًا عالمية.

الوحدة والتنوع ومكابدة الصعاب

إن النقاشات السابقة بخصوص تغيير سياسات المعرفة والفلاحة والمشاركة في تأسيس وإنشاء حقل الدراسات الفلاحية النقدية لا تعني أن لا فيا كامبيسينا هي التي حققت كل ذلك بشكل مباشر وواعٍ وهادف، أو أن إنجازات لا فيا كامبيسينا كانت بسيطة وسلسة. ولست أقول إن الحركة وعملها خاليان من العيوب. في الواقع، الكثير من المخرجات المعروضة أعلاه تحقق من خلال عمليات سياسية معقدة ومليئة بالتناقضات في معظم الأحوال، داخل وخارج لا فيا كامبيسينا. في بعض الحالات، قد تكون فوضى الموقف داخل الحركة وحولها هي ما تسبب بتتابع الأحداث الفعلي. ليس من الممكن الوقوف على جوهر الحركة ومشروعاتها السياسية وكيفية إحداثها التغيرات في السياسة المعرفية والفلاحية، وحقل الدراسات الفلاحية النقدية كذلك، بدون فهم تناقضاتها الداخلية الكثيرة وأوجه التناقض وعدم الاتساق التي تتكشف وتبرز حين يحاول الأكاديميون فهم الحركة ومشروعاتها السياسية. حين تلتقي الوحدة والتنوع ومكابدة الصعاب في مسار تاريخي حيوي، فقد تستحث النتائج غير المقصودة وغير المتوقعة بعض العمليات الثورية وتؤدي إلى بعض النتائج الهامة. فيما يلي عرض توضيحي لهذا المسار.

صوت

قبل عام 1993 لم للفلاحين الفقراء وصغار المزارعين صوتٌ في المساحات السياسية الدولية. أعطت لا فيا كامبيسينا صوتًا لهذه الفئة الاجتماعية. لا يعني هذا أن تحالفات ومنظمات حركات الفلاحين الفقراء وصغار المزارعين لم تكن موجودة قبل ذلك، فوجودها سابقٌ للحركة. لكن تلك التحالفات كانت تعمل بالأساس على المستوى الوطني ودون الوطني حتى في نضالها ضد العولمة النيوليبرالية (Edelman 1999). وفي ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين، صار لها وجود في التجمعات الدولية الصاعدة – التي بدأ عقدها بانتظام بالقرب من دورة أوروجواي من مفاوضات اتفاقية الجات والمؤتمرات المتعلقة بالبيئة، مثل مؤتمر 1992 في ريو دي جانيرو – ولكنه وجودٌ ضعيفٌ ومبعثر ويتم لغرض معين ثم ينفض. ونشأت شبكات تقدمية عابرة للحدود الوطنية تمثل إلى حد ما الفلاحين الفقراء وصغار المزارعين في بعض هذه المنابر، مثل الاتحاد الدولي للحركات الكاثوليكية الريفية للراشدين والحركة الدولية للشباب الريفي الزراعي الكاثوليكي المرتبطين بالكنيسة الكاثوليكية، ومثل تنسيقية المزارعين الأوروبيين.

ومن المجموعات القوية من ادعى الحديث باسم الفلاحين الفقراء وصغار المزارعين قبل 1993. في الواقع، كان الاتحاد الدولي للمنتجين الزراعيين هو المنظمة الدولية الخاصة بالمزارعين الأغنياء (المزارعين التجاريين كبار ومتوسطي الحجم الموجودين بالأساس في البلدان الغنية)، وكان جميع أعضاء لجنته التنفيذية خلال السنوات من 1956 حتى 2008 من المزارعين البِيْض. وكان موقف الاتحاد الدولي للمنتجين الزراعيين في مفاوضات اتفاقية الجات (ولاحقًا في منظمة التجارة العالمية) هو دعم تحرير التجارة مع بعض التعديلات الثانوية على البنود المتعلقة بالدعم وإغراق الأغذية. ولأسباب داخلية، قام الاتحاد الدولي للمنتجين الزراعيين بتصفية نفسه في 2010 (Desmarais 2007, Edelman and Borras 2016)، وأسس معظم أعضاءه مجموعة دولية جديدة وهي المنظمة العالمية للمزارعين. وادعت منظمات غير حكومية كبيرة دولية ووطنية تمثيل الفلاحين الفقراء وصغار المزارعين أيضًا.

لقد خضعت ادعاءات الاتحاد الدولي للمنتجين الزراعيين والمنظمات غير الحكومية إنهم يمثلون الفلاحين لتحدٍّ قويٍّ في 1993 مع ميلاد لا فيا كامبيسينا، وانتهت تلك الادعاءات بشكل حاسمٍ بعد ذلك مباشرة.[21] من الأسباب التي دفعت الحركات الفلاحية الوطنية التي أسست لا فيا كامبيسينا في 1993 إلى اتخاذ قرار بإنشاء حركتهم الدولية، الرغبة في إعطاء صوت مستقل للفلاحين الفقراء وصغار المزارعين على المستوى العالمي. وقد فعلوا هذا فعلًا. لقد انتقدوا وبقوة كل المجموعات الأخرى التي زعمت الحديث نيابةً عن الفلاحين الفقراء وصغار المزارعين، وطالبوا بتمثيلٍ مستقل لهم في مؤسسات الحوكمة العالمية. «لا شيء عنا بدوننا» أصبح مبدأً حاشدًا. وكانت أهم مساهماتها التاريخية في إحداث التغيير في السياسات الفلاحية: أولًا طرح السياسات الفلاحية على المستوى الدولي، وثانيًا إعطاء طبقة صغار المزارعين والفلاحين الفقراء صوتًا. ورغم أن صوت لا فيا كامبيسينا بدا في معظم الأحيان كصوت صارخ في البرية، فقد نجحت في استخدام ذلك الصوت لكسب بعض الانتصارات المؤسسية. ربما أبرزها كان تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة لـ (الإعلان الخاص بحقوق الفلاحين وغيرهم من العاملين في المناطق الريفية) في 2018 (Hubert 2019, Claeys and Edelman 2020, Alabrese et al. 2022) والقواعد الإرشادية الخاصة بالحيازة (الخطوط التوجيهية الطوعية بشأن الحوكمة المسؤولة لحيازة الأراضي ومصايد الأسماك والغابات في سياق الأمن الغذائي الوطني) في 2012 (Brem-Wilson 2017, Brent et al. 2018, Franco and Monsalve 2018).

لقد كان ميلاد لا فيا كامبيسينا تعبيرًا عن إرادة طبقية مستقلة. فقد دلت على لحظة معرفة للسياسة الطبقية فيما سيصبح لاحقا سياسة فلاحية متعددة الأسعدة والمواقع تتضمن أشكالاً متنوعة من الأفعال،[22] وهذا بدوره حدد جزئياً أجندة ومناهج عمل حقل الدراسات الفلاحية النقدية الصاعد. هذا العرض التاريخي المختصر يهدف أيضًا لتذكير مراقبي السياسة الفلاحية بعدم ارتكاب خطأ أولي بافتراض أن الحركة تتكون من مزارعين أغنياء ومتوسطي الحال مثل الاتحاد الدولي للمنتجين الزراعيين والمنظمة العالمية للمزارعين.[23]

أصوات

لا فيا كامبيسينا صوت متميز في سياق التناول التاريخي الذي جرى نقاشه أعلاه، لكن هذا لا يعني أنها صوت واحد موحد داخليًّا. أفضل طريقة لفهم الحركة هي اعتبارها «فاعل واحد» و«ساحة للفعل» في نفس الوقت. ولا يمكن إدراك معنى ومظاهر كل منهما بشكل منفصل عن الآخر لأنهما مرتبطان بشكل جدلي. تحمل لا فيا كامبيسينا سماتِ الاثنين: سمات الحركة المنظمة وسمات التحالف. للحركة المنظمة قاعدة عضوية واضحة، وبرنامج استراتيجي مشترك، ومتماسك واستراتيجية للعمل على تحقيق البرنامج ومستوى أعلى من الوحدة. وأما التحالف التنظيمي فيتكون من منظمتين أو أكثر ولا يكون مستوى الوحدة فيه حول القضايا والبرامج الاستراتيجية بنفس التماسك والقوة التي تملكها الحركات المنظمة (Fox 2010). لا فيا كامبيسينا فاعل واحد في سياق النقاش المطروح أعلاه. حركة منظمة مكونة من الطبقات العاملة الريفية، وبالأساس الفلاحين الفقراء وصغار المزارعين، في جنوب وشمال العالم. وفي نفس الوقت، هي تحالف من حركات منظمة متنوعة تتكون بالأساس – لكن ليس فقط – من فلاحين فقراء ومزارعين صغار. تطلق الحركات الوطنية ودون الوطنية الأعمال الجماعية الخاصة بها وتحسن من شرعيتها السياسية وتقوي غطاءها القانوني وتوسع من نطاق نفوذها السياسي من خلال مظلتها الدولية – أي: لا فيا كامبيسينا – وداخلها وحولها، بل وأحيانًا في مواجهتها. وتمثل لا فيا كامبيسينا المنظمات العضوة فيها، رغم أنها أكثر من مجموع أجزائها. فكأنها تقطيرٌ للاستقلالية الطبقية والنضالات السياسية والسياسة الطبقية وغيرها من محاور الاختلافات الاجتماعية (النوع والعرق والإثنية والطائفة والجيل والدين والقومية والمنطقة) والثقافة، بالإضافة إلى أيديولوجيات أعضائها التنظيميين والداخلين في التحالف. وهكذا، لا يمكن فهمها إلا بالنظر إليها ككل والنظر إلى أجزائها أيضًا وفي حركتها السياسية مع كل التوترات والتناقضات التي تأتي معها. ولا شك أنها تحتوي توترات وتناقضات طبقية وأيديولوجية وسياسية.

كانت السياسة الطبقية مصدرًا للتوتر والتناقض داخل لا فيا كامبيسينا طوال حياتها. وثمة بضعة منظمات بارزة من المنظمات المؤسِّسة للحركة ارتبطت بسياسة الشرائح الموسرة من المزارعين ومربي الماشية (في سياقاتها) إما انسحبت من الحركة أو طلبَ منها ذلك. المنظمة الأولى هي الاتحاد الوطني للمزارعين والثروة الحيوانية في نيكاراجوا، الذي كان حركة أساسية في بداية لا فيا كامبيسينا، وقرر تركها بعد تأسيسها رسميًّا على الفور تقريبًا. وهذا الاتحاد كان عضوًا في الاتحاد الدولي للمنتجين الزراعيين. المنظمة الأخرى كانت ممَثّلة في اللجنة التنسيقية الدولية للا فيا كامبيسينا في سنوات تأسيسها، وهي اتحاد التضامن الريفي ببولندا، الذي تبنى هو الآخر الموقف السياسي للمزارعين الموسرين في سياق السياسات الزراعية للاتحاد الأوروبي. ومن ثم أقنع بالخروج من الحركة في التسعينيات. أما الوضع الذي حدث في الهند فقد كان مختلفًا بعض الشيء، وذلك لأن المنظمة التي كانت مرتبطة بسياسة المزارعين الموسرين في الهند كانت أيضًا في طليعة الحملات المناهضة لمنظمة التجارة العالمية والأغذية المعدلة وراثيًا ورأس المال الكبير التي كانت ساحات معارك أساسية للحركة.[24] وفي أواخر التسعينيات حاولت المجموعة الهندية إيقاف الجهود المبذولة داخل لا فيا كامبيسينا لتنسيق حملة عالمية للإصلاح الزراعي، لكن عارضتها معظم الحركات الأخرى وبقي الإصلاح الزراعي حملة عالمية مميزة للحركة الجامعة.

كان التوتر الأيديولوجي سببًا في تفاعلات أهم بكثير في لا فيا كامبيسينا، لكنه موضوع معقد كان من الصعب تناوله علانية. من الأمثلة الهامة في هذا السياق تهميشُ الحركات المرتبطة بالتوجهات الأيديولوجية الماركسية-اللينينية-الماوية، وخاصة في آسيا، من القيادة المركزية. معظمهم ما زال داخل لا فيا كامبيسينا لكن نفوذهم السياسي والأيدولوجي أقل. ولذلك أسبابٌ عديدة ومتنوعة ومعقدة لهذا لا تتناولها هذه الورقة، فهدفي الأساسي أن أوضح اختلاف الأصوات في الحركة. وأحد الأحداث الممكن اعتبارها سببًا ونتيجة للتوتر الداخلي في الحركة بخصوص هذه المجموعة هي تشكيل تحالف الفلاحين الآسيويين في 2003.[25] هذا حدث مؤسف لأن تحالف الفلاحين الآسيويين متسق وملتزم فيما يتعلق بالتحليل الطبقي والسياسة الطبقية المنحازة لمختلف فئات الطبقات العاملة الريفية بما في ذلك – وخاصة – العمال الزراعيين عديمي الأرض. وفي الحركة توترات أيديولوجية أخرى لكنها ليست بنفس أهمية النماذج المذكورة للتو؛ منها وجود مجموعات معارضة للاشتراكية في لا فيا كامبيسينا قد تكون مصدرًا للتوتر وإن كانت ليست منتشرة أو متماسكة.

في نفس الوقت، التوترات السياسية أكثر انتشارًا مما يُعترف (أو يمكن الاعتراف) به وهذا يتضح بعدة طرق. فقد كان أعضاء لا فيا كامبيسينا في العديد من المناطق والبلدان بالأساس من الفلاحين الفقراء وصغار المزارعين الذين اتفقوا على برنامج عالمي مشترك، لكن التاريخ السياسي والطبيعة الخاصة لكلٍّ من هذه الحركات المنظمة اختلفت وذلك لأنها تشكلت بفعل المؤسسات والأبنية الاجتماعية الموجودة في مجتمعاتها. هذه إحدى الأسس المادية لبعض التوترات السياسية داخل لا فيا كامبيسينا. فعلى سبيل المثال، بعض قادة الحركة من أمريكا اللاتينية يعتقدون أن الحركات الفلاحية الجيدة في أفريقيا قليلة. وبعض القادة الأفارقة يشعرون بالإهانة بسبب هذا النوع من الملاحظات، وبدورهم ينتقدون بعض نشطاء لا فيا كامبيسينا ويتهمونهم بالتركيز المبالغ فيه على موضوعات لا تشغل الفلاحين العاديين في أفريقيا.[26] والمستوى الوطني أحد مواقع التوتر السياسي الأساسية. فباعتبار لا فيا كامبيسينا حركة منظمة، وضعت إجراءاتٍ واضحة بخصوص تجنيد أعضائها الجدد ومن هذه الإجراءات حق أي منظمة عضو حالية من دولة ما في الاعتراض على دعوة أو تجنيد أي مجموعة من نفس البلد. ونتيجةً لهذا، تشربت حركة لا فيا كامبيسينا الدولية الكثير من العداوات والتوترات السياسية الحاصلة بين المنظمات الوطنية في مختلف البلدان. وقد نتج عن هذا عدم ضم حركات يسارية حيوية سياسيًّا وأيديولوجيًا في لا فيا كامبيسينا.[27]

لقد صار صوت لا فيا كامبيسينا الموحد ممكنًا بفضل قدرة الحركة على السماح بوجود أصوات متعددة ومتعارضة والتعامل معها بطريقة تتجنب تفكيك الحركة المنظمة العابرة للحدود الوطنية وتثبيطها. لا فيا كامبيسينا حركة تعددية لكنها محددة سياسيًّا في إطار مفاهيم سياسية يسارية واسعة. وبالتالي هي ليست حركة ليبرالية مفتوحة أعضاؤها عشوائيون. ففي إطار الحدود الأيديولوجية للا فيا كامبيسينا، الوقوف على طبيعة الأصوات المتنافسة والمليئة بالتوتر مهمٌّ لأن الإفصاح عن هذه الأصوات جارٍ في إطار حركة تتحدث هي نفسها بصوت موحد. وبالعكس، هذا الصوت الموحد لا معنى له إلا حين يفهم باعتباره تقطيرًا لعدة أصوات في لحظة معينة حدثت عبر مسار تاريخي حيوي. التوترات الطبقية والأيديولوجية والسياسية – بالإضافة إلى الصراعات الفكرية الداخلية – علامات صحة جيدة في أية حركة. فلو غابت التوترات تمامًا عن تحالف وحركة منظمة كبيرة عابرة للحدود الوطنية مثل لا فيا كامبيسينا، فهذا أمرٌ إشكاليٌّ، فحركةٌ كهذه إما معلبة بشكلٍ ماهر – ومصطنع – لتبدو موحدة، أو ديناميات المعارضة والاختلاف فيها مقموعة. كلا الوضعين غير موجودين في حالة لا فيا كامبيسينا. فهي حركة يسارية تعددية. ولهذا أصبحت ساحة لأفكار متنافسة بين مجموعات يسارية فلاحية متنوعة من الناحية الأيديولوجية (ماركسية، لينينية، ماوية، تروتسكية، أناركية، اشتراكية، اشتراكية بيئية، اشتراكية ديمقراطية) ومن حيث الدفاع الراديكالي عن العدالة الاجتماعية (العدالة البيئية، العدالة المناخية، النسوية، العدالة العرقية، العدالة الغذائية). وهي مساحة سياسية رحبة لهذا السبب. فقد سمحت بانتعاش صراعات الأفكار دون أن تنزلق بالضرورة إلى جدالات سياسية ونظرية أبدية غير منتجة أو مشاحنات شخصية – أو هذا ما تبدو عليه علانيةً على الأقل. قد يكون هذا أحد أسباب عدم وجود انشقاقات كبيرة في لا فيا كامبيسينا خلال ثلاثين سنة.[28]

واسع، أوسع

تمكنت لا فيا كامبيسينا من التأثير على نطاق عالمي بسبب تركيبتها المتماسكة كممثلة للفلاحين الفقراء وصغار المزارعين، على العكس من الاتحاد الدولي للمنتجين الزراعيين الذي ضم هذه الفئات الاجتماعية وأخضعها للمصالح الطبقية لشريحة المزارعين الموسرين. لقد تمحور التأطير والخطاب السياسي للا فيا كامبيسينا حول الفلاحين الفقراء/صغار المزارعين، وكانت هذه نقطة قوتها الأساسية. ومنذ 1993 عملت الحركة على تقوية قاعدتها الجماهيرية في هذه الفئة الاجتماعية. لكن في نفس الوقت، قد تكون هذه نقطة ضعفها النسبية لأن هناك أقسامًا أخرى من الطبقات العاملة الفلاحية ليست جزءً من فئة «الفلاحين الفقراء/صغار المزارعين».

من التأثيرات العميقة للرأسمالية العالمية النيوليبرالية على الريف، تشظي الطبقات العاملة الريفية عبر عمليات غير متكافئة من التراجع عن الزراعة والفلاحة (Bryceson et al. 2000, Bernstein 2010a, Shivji 2017). فقد ازداد عدد الفلاحين (من العمال الزراعيين عديمي الأرض والفلاحين الفقراء وصغار المزارعين) الذين يجمعون بين مختلف الأنشطة المعيشية لأجل البقاء. فبجانب من بقيوا أساسًا في الإنتاج الزراعي، هناك من يتنقلون بين الريف والحاضرة أو بين الأرياف داخل البلاد، وخارجها أيضًا، سعيًا وراء العمل المأجور. بعضهم انفصل تمامًا بالفعل عن أدوات الإنتاج الزراعية (الأرض الزراعية)، والبعض الآخر ما زال متاح له قدرٌ ما من الأرض/الطبيعة لأنشطة الإنتاج وإعادة الإنتاج الاجتماعي. والبعض الآخر يعيش في أماكن حضرية (وشبه حضرية) لكن يقوم بأشكال تكميلية من الاسترزاق الفلاحي، مثل البستنة الحضرية اللانظامية لإنتاج الغذاء وتربية الحيوانات (Jacobs 2008, McClintock 2014, Siebert 2020). والبعض الآخر ترك مجال الإنتاج الزراعي وبقي في المناطق الريفية. والنتيجة مزيجٌ من أنشطة الإنتاج وإعادة الإنتاج الاجتماعي متعددة المواقع تقوم بها الطبقات العاملة الريفية (Bernstein 2010a, Levien et al. 2018, Shah and Lerche 2020, Harriss-White 2022, Pattenden 2023).

باختصار، تضمنت الطبقات العاملة الريفية ثلاث فئات اجتماعية أساسية على الأقل: الفلاحية، والريفية غير الفلاحية، والريفية/الحضرية (الفئة الأخيرة تتضمن المحلية والدولية). وإن جمعت هذه الفئات الاجتماعية الثلاث قضايا مشتركة فبينها اختلافات أيضًا. فهم وإن تشاركوا، على سبيل المثال، مشكلات متعلقة بالأرض، فالمشاكل ليست نفسها، ومنها: المشكلات المتعلقة بقطع الأراضي المخصصة للسكن والزراعة للأسر المعيشية الفلاحية، وإتاحة الأرض/الطبيعة للمجموعات الريفية غير الفلاحية للسكن وغيره من أغراض إعادة الإنتاج الاجتماعي، ومزيج منهما بالنسبة للمجموعات الريفية/الحضرية (Borras et al. 2022a, Cousins 2022). ومن ثم لن تكتسب الحملات المتمحورة حول الأراضي الزراعية درجةً متساوية ومتكافئة من الشعبية بين الفئات الاجتماعية الفلاحية، والريفية غير الفلاحية، والريفية/الحضرية. وبالمثل، قد يكون رفع الأجور وتحسين ظروف العمل أهم المطالب للمجموعات غير الفلاحية والمجموعات الريفية/الحضرية، بالإضافة إلى العمال الزراعيين عديمي الأرض، ولكن ليس للمزارعين متوسطي وصغار الحجم. هذه ديناميات طبقية معقدة لها تأثيرات هامة على السياسة في الريف. تقوم لا فيا كامبيسينا بعمل رائع في بناء القاعدة الجماهيرية بين الفلاحين الفقراء وصغار المزارعين لكن أمامها مهمة كبيرة لو كانت تريد أن تكتسب قاعدة أكبر بين العمال الزراعيين عديمي الأرض والطبقات العاملة الريفية غير الفلاحية والبريكاريا المتردّدة بين الريف والحاضرة أو بين الأرياف (على المستوى المحلي أو الدولي) الذين يُعتبَرون إلى حد كبير جزءً من «طبقات العمال» وفقًا لمفهوم برنستين (Bernstein 2006).[29] الحركة واسعة بالفعل من الناحية الطبقية، ولهذا هي قوية، ولكن من الممكن أن تصبح أقوى لو تمكنت من التوسع التنظيمي والسياسي بين الشرائح الأخرى من الطبقات العاملة الريفية.[30] لكن القيام بذلك له تبعات على بعض المشروعات السياسية الحالية للحركة، مثل الإصلاح الزراعي المتمركز حول صغار المزارعين، أو مفاهيم السيادة الغذائية المتمحورة حول صغار المزارعين. وهذه ستحتاج لبعض التعديل حتى تتمكن من استيعب المزيد من الأقسام المختلفة من الطبقات العاملة الريفية والريفية/الحضرية، بما في ذلك عمال المزارع المهاجرين (Borras et al. 2022a, Pattenden 2023, White et al. 2023).[31]

النصف الممتلئ – النصف الفارغ: نقاش ختامي

عادة لا تحتشد الطبقات العاملة الريفية وتنتظم في روابط متماسكة تقوم بأعمال طبقية جماعية صريحة وصدامية مستمرة، تتجاوز الأشكال اليومية للسياسة الفلاحية (Scott 1976, 1985, O’Brien and Li 2006, Malseed 2008, Kerkvliet 2009). هذه ليست مفاجأة على الأقل بالمفاهيم الأكاديمية، وإن كانت محبطة سياسيًّا. يعود هذا جزئيًّا إلى طريقة تنظيم العلاقات الاجتماعية في الإنتاج وإعادة الإنتاج الاجتماعي كما طرح ماركس في الثامن عشر من برومير (1968 [1852])، وجزئيًّا لأن الانغلاق المؤسسي والبنيوي لهذه الفئة الاجتماعية يجعل انخراطها في السياسة الصدامية أمرًا مكلفًا وخطرًا. يتضح هذا مثلًا في الموجة العالمية الأخيرة (والمستمرة) من عمليات الاستيلاء على الأراضي. فقليلًا ما نرى قرويين ريفيين متأثرين سلبيًّا بعمليات الاستيلاء على الأراضي قادرين على التنظيم وشن مقاومة متماسكة ضد عمليات تسييج الأراضي (Borras and Franco 2013, Hall et al. 2015, Mamonova 2015; see also Dell’Angelo et al. 2021). ومن ثم إحدى الإشكاليات المركزية في كل من الدراسات الزراعية الكلاسيكية والدراسات الفلاحية النقدية تتعلق بالتساؤل حول ما «يحفز» التغيير الكيفي في سلوك الناس في الريف و«اللحظة المناسبة» له، وأي قسم من الطبقات الفلاحية يمكن أن يأخذ زمام المبادرة، وما نوعية النتائج المحتملة التي يمكن أن يؤدي لها ذلك، من إذعانٍ أو مقاومة صدامية علنية. وعلى هذه الأسئلة قدم مختلف الباحثين إجابات متعارضة (انظر مثلا: Popkin 1979 مقابل Scott 1976 و Paige 1975 مقابل Wolf 1969. وانظر أيضا: Gaventa 1982). هذه حوارات لم تنته واستمرت على مدار الزمن. ومن ثم كون الطبقات العاملة الريفية لا تنتظم وتحتشد بسهولة وبشكل دائم ليس التحدي التحليلي الرئيس. الأمر المدهش حقًا هو أن هذه الطبقات العاملة الريفية تمكنت في أماكن وأوقات مختلفة من أن تتنظم وتشن تحركات سياسية صدامية وتحافظ عليها. كيف ولماذا يحدث ذلك؟ حين ننطلق من افتراض أن تحقيق مستوى أولي من التماسك في حركة منظمة والانخراط في سياسة صدامية أمر صعب جدًا، لا نتوقع سوى تركيبة محيرة من الأخطاء والعيوب والعلل والنواقص والتناقضات ودرجات غير متكافئة بشدة من التماسك الجغرافي والزمني في عمليات ونتائج بناء الحركة الجماهيرية ونضالاتها السياسية، حتى لو كانت ما زالت بحاجة لتفسير دقيق وحتى لو بقت محبطة. وفي المقابل، إن انطلقنا من توقع سهولة تمكن الطبقات العاملة الريفية من تنظيم وتعبئة نفسها في كل مكان وزمان، بتماسكٍ أيديولوجيٍّ وسياسيٍّ وتنظيميٍّ، فمن المتسحيل تحقيق هذا التوقع. هذا هو السياق الذي أطرح فيه نقاشي الختامي عن مقاربة «النصف الممتلئ» ومقاربة «النصف الفارغ» للتناول النقدي للحركات الفلاحية.

لقد أحدثت لا فيا كامبيسينا تغييرًا كبيرًا في السياسة المعرفية والفلاحية، وشاركت في تأسيس حقل الدراسات الفلاحية النقدية. وفي خضم هذه العملية، كان الاحتفاء السياسي والأكاديمي بها هائلًا. لكن المكانة المحترمة للحركة في المجال الأكاديمي يجب ألا تؤدي إلى علاقة مع حقل الدراسات الفلاحية النقدية يُحرَم بها التفاعل بين الباحثين الأكاديميين والحركة من عنصر أساسي ضامن لحيوية الحركات الاجتماعية وهو النقد والنقد الذاتي. إنّ القدرة على التأمل النقدي المستمر هي ما يمكن التعزيز المتبادل بين حقل الدراسات الفلاحية النقدية وحركة لا فيا كامبيسينا، وقس على ذلك غيرها من الحركات الريفية والفلاحية المناهضة للرأسمالية. وكما يقول بول نيكولسون: «الدراسات الفلاحية [أو الدراسات الفلاحية النقدية] تؤدي دورًا هامًّا جدًا، وما زال لديها دورٌ هائلٌ لتؤديه. فنحن لا نعرف كل الحلول لكل مشكلات العالم». ويختتم: «يجب نقد لا فيا كامبيسينا هي الأخرى. نحن بحاجة إلى حلولٍ جديدة… في عالم متغير، ولهذا نحتاج الدراسات الفلاحية. نحن بحاجة إلى قاعدة فكرية نقدية، وهذا، بالأساس، هو دور الدراسات الفلاحية».[32]

لا فيا كامبيسينا حركة تأخذ النقد والنقد الذاتي بجدية. بالنسبة للأكاديميين التقدميين، لانتقادِ لا فيا كامبيسينا أو – على نفس الدرجة من الأهمية – أي حركة اجتماعية ريفية وزراعية مناهضة للرأسمالية، ومشروعاتها السياسية، مثل السيادة الغذائية والزراعة الإيكولوجية، طريقتان: مقاربة النصف الممتلئ ومقاربة النصف الفارغ. مقاربة النصف الفارغ في النقد تركز على إخفاقات ونواقص الحركة ومشروعاتها السياسية وحملاتها. هذه المقاربة ضرورية ومهمة خاصةً عندما يتعلق الأمر بحركات شعبية وشديدة التأثير. فتذكير الحركات ومعجبيها بأن بها نواقص وعيوب أحد سبل ضخ الواقعية في دماء هذه الحركات. والانتقادات التي تُطرَح من هذا المنظور تكون مؤثرة جدًا حين تتوخى الدقة في محتواها والروح الرفاقية في نبرتها. وهذه المقاربة للنقد سهلةٌ نسبيًّا. فإخفاقات الحركات ومشروعاتها السياسية، ونواقصها وتناقضاتها، غالبًا ما تكون واضحة جدًا حتى بالنسبة للمراقبين من بعيد. ولا تستلزم عملًا ميدانيًّا. فاستقراءٌ بسيط معدٌّ جيدًا يمكن أن يؤدي إلى نتائج متبصرة هامة وذات دلالة. ولكن هذه المقاربة، في الوقت نفسه، لا تقدم الكثير في بناء الحركات الراديكالية والحفاظ عليها سياسيًّا. فبتركيزها على الإخفاقات والنواقص والتناقضات، التي غالبًّا ما تكون معروفة جيدًا لكوادر الحركات ومناضليها ومثقفيها العضويين، وصفوف النشطاء الآخرين في الحركة، تكرر هذه الانتقادات غالبًا ما هو واضح لمن هم داخل الحركة. علاوة على ذلك، لو كان النقد غير بناء أو مقدم بطريقة غير رفاقية، يمكنه تقويض الحركة حيث يصبح محبطًا ومثبطًا لمن يعملون – بشكل كامل أو جزئي – في ساحات النضال. وحين يتعلق الأمر بحركة ريفية مناهضة للرأسمالية ويسارية تتعرض للاستهداف، يضر هذا النوع من النقد الجبهة العريضة المناهضة للرأسمالية. وهنا تكمن أهمية تحذير برنستين ضدّ إقصاء من يُطلَق عليهم مسمى «الشعبويون الفلاحيون التقدميون». وفي المجمل، مقاربة «النصف الفارغ» تكون مفيدة حين تتم بشكل بناء. لكن السبيل الأفضل هو مقاربة «النصف الممتلئ».

مقاربة النصف الممتلئ للنقد تهتم بالأساس بمكاسب وإنجازات أي حركة أو مشروع سياسي، حتى مع لفت النظر للنواقص والعيوب الخطيرة أو المهام غير المنجزة. بعبارة أخرى، مقاربة النصف الممتلئ تضع الإخفاقات والنواقص والعيوب في سياق أوسع، وتنظر إليها باعتبارها مرتبطة جدليًّا بإنجازات الحركة أو المشروع السياسي. هذه المقاربة تعترف بأهمية تلك الإنجازات نظرًا لقلة حالات الانتظام المتماسك للطبقات العاملة الريفية وانخراطها في صراعات سياسية صريحة. في هذه المقاربة، لا ينظر للنواقص والأخطاء باعتبارها قوى ديناميكية تنتشر وتلغي أي إنجازات حققتها الحركة. بل تنظر للإنجازات باعتبارها نقاط إيجابية يمكن إعادة إنتاجها ومضاعفتها. هذه المهمة ليست سهلة دائمًا لأن إنجازات حركة ما، أو مشروع سياسي ما، قد لا تكون واضحة خاصة بالمناسبة لمن هم خارج الحركة. فعادةً ما تكون الإنجازات نسبيةً ومحددة بالسياق. ويمكن اعتبار المكاسب خسائرَ في نفس الوقت، ففتح مجالات جديدة يعني دائمًا أسئلة جديدة. ومن ثم، يحتاج الوقوف على ما حققته الحركة وكيف حققته وقتًا وجهدًا. وغالبًا ما يكون المؤمنون أصلًا بالحركة أو المشروع السياسي هم المستعدون لبذل الوقت والجهد اللازمين لدراسة المنجزات وفهمها. ومن ثم ليس من المفاجئ أن هؤلاء هم الباحثون الذين لن يستصغروا إنجازات الحركة أو مشروعاتها السياسية. لا يعني هذا أنهم يجب ألا يطرحوا أسئلة صعبة أو يقدموا انتقادات حادة. بل يجب أن يفعلوا هذا، وهم يفعلونه بالفعل. قد يُقال إن من ينتهجون مقاربة النصف الممتلئ منحازون (وإن كان نفس الشيء يمكن أن يُقال عن أصحاب منظور النصف الفارغ) لكن هذا لا يعني أنهم عاجزون عن القيام بدراسات وبحوث جادة.[33] هذا هو طابع ناشطية الباحثين الأكاديميين. وبهذا المعنى، يجب عدم الخلط بين مقاربة النصف الممتلئ وما يمكن أن نسميه مقاربة «الممتلئ بالكامل» المفتقرة تمامًا للنقد ومبالغة في الاحتفاء، ولا تسمح بطرح أسئلة أو انتقادات صعبة، وهو موقف يحاول الكثير من قادة الحركات النافذين وحراسها وسماسرتها فرضه على الآخرين. هذه المقاربة غير مفيدة للحركات بأي حال.

كلا المقاربتين (النصف الممتلئ والنصف الفارغ) ينظر إلى كشف الحساب، بإيجابياته وسلبياته، من إنجازات ونواقص، ومزايا وعيوب. التباينات بين المقاربتين ليست حادة، وهي واقعًا ليست صارخة في معظم الأحوال، فاختلافها أقرب لاختلاف ظلال الرمادي. تكمن الاختلافات في التركيز، على المكاسب أو النواقص، وتعكس الهدف من النقد. بعض الانتقادات تُطرَح لكي تجرد حركة ما من مشروعيتها وترفضها هي ومشروعاتها السياسية من حيث المبدأ، والبعض الآخر يُطرَح لكي يصحح ويصلح مسار الحركة ومشروعاتها السياسية ويجعلها أكثر قوة ونشاطًا. سواء كان هذا مقصودًا أم لا، قد يكون الأثر الكلي لمقاربة النصف الفارغ هو تقليص حركة أو مشروع سياسي. أما مقاربة النصف الممتلئ فقد تساهم في تحسين وتعزيز الحركة أو المشروع.

في الأوساط الأكاديمية الرديكالية اليوم موقف خلافي «مستصغر/مبجّل» تجاه لا فيا كامبيسينا ومشروعاتها السياسية، يمكن عزوه إلى حد كبير إلى الجدل الذي قام بين بعض أقسام المعسكر الماركسي والشعبويين الروس في النصف الثاني من القرن التاسع عشر والذي استمر في فترة من سُمُّوا بـ «الشعبويين الجدد»، المستلهمين شايانوف، وبعده شانين، وسكوت، وفان دير بلوخ (Chayanov 1968, Shanin 1983a, 1983b, van der Ploeg 2013). بالنسبة لبرنستين (2022: ص 13)، نقطة الخلاف بين هذين المعسكرين «تبقى إصرار الأخير على «سبيل الفلاحين» باعتباره أساس أي صياغة تقدمية اجتماعيًّا وبيئيًّا». ويشرح موقفه قائلًا إن «أسس هذا الموقف هي تنظير شايانوف بخصوص الأسرة الفلاحية، بالإضافة إلى مفاهيم فضائل وقدرات «الجماعة» الفلاحية … الذي يرا فيه الماركسيون جوهرانيةً فكريةً، وضحية للطوباوية الرومانسية في نفس الوقت». (المصدر السابق) يقدم برنستين أربعة تفسيرات لهذا التشكيك: (1) قوة التطلّعات البرجوازية الصغيرة عند الفلاحين لحيازة ملكية خاصة (قطعة الأرض الزراعية الصغيرة)، (2) والاعتقاد أن ««الفلاحين» ليسوا طبقة (واحدة) ومواقعهم في الإنتاج وإعادة الإنتاج الرأسمالي لا تتيح لهم التصرف كطبقة»، (3) وزيادة التشابك الريفي الحضري بما في ذلك توزيعات الأرض واستخداماتها، (4) و«رؤية بعض – إن لم يكن كل – الماركسيين أن «الأكبر أفضل» على اعتبار أن الزراعة كبيرة الحجم تتمتع باقتصاديات الحجم الكبير ومعها إنتاجيات العمالة التي لا يمكن أن تطمح الزراعة صغيرة الحجم إلى تحقيقها» (المصدر السابق، التوكيد بالخط العريض).[34] في حقبة التغير المناخي الحالية، السؤال الصعب هو إن كان من الممكن إيجاد زراعة كبيرة الحجم متجددة إيكولوجيًّا. برنستين نفسه فكر سابقًا (2010b) في احتمالية وجود خلل فكري في التصور الماركسي الفلاحي عن تطور القوى المنتجة بالاعتبارات الإيكولوجية.[35] والقراءات لماركس مختلفة فيما يتعلق بالزراعة صغيرة الحجم. أكرم-لودي (Akram-Lodhi 2021 ) على سبيل المثال يختلف مع موقف برنستين على أساس أن الأدلة توضح – كما يرى – أن الزراعة الرأسمالية المعاصرة تكبل تطور القوى المنتجة. بالنسبة لأكرم-لودي (2021)، والأدلة واضحة على أن الممارسات الزراعية الإيكولوجية يمكن أن تكون منتجة مثل ممارسات الزراعة الرأسمالية بناءًا على المقاييس التقليدية. ويعود هذا إلى أن الزراعة الإيكولوجية تطلق العنان للقوة المنتجة – أي: معرفة الفلاح – حتى تعظم من تدفقات الطاقة في شبكة الحياة.[36]

الأمر المثير هو أن موقف برنستين بخصوص الزراعة كبيرة الحجم وتأملاته المبكرة في الخلل الفكري في الماركسية الفلاحية – بالاعتبارات الإيكولوجية – يجمعه بلا فيا كامبيسينا في المنطلق نفسه، أي أنّ كلاهما يتطلع لشيء لم يوجد بعد وجودًا كونيًّا ومستدامًا: زراعة كبيرة الحجم، متجددة بيئيًّا، ذات إنتاجية عمالية عالية، أو زراعة مرتكزة على أصحاب الحيازات الصغيرة متجددة بيئيًّا واجتماعيًّا مع مستويات عالية من الكفاءة/الإنتاجية (بالنسبة للأرض/الطبيعة والعمالة)، يمكن تنفيذها في مختلف أرجاء النظام جغرافيًّا وفي أوقات مختلفة، وليس على صعيدٍ تجريبيٍّ فقط.[37] 

يأخذنا كل هذا لموضوعة المراسلات الرفاقية بين كارل ماركس وفيرا زاسوليتش في 1881. هذه المراسلات ما زالت مهمة وتستحق إعادة النظر. كان المثقفون في حزب الإرادة الشعبية (في روسيا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر) قد قرأوا «رأس المال» وتواصلوا بشكل مباشر مع كارل ماركس. فكتبت له فيرا زاسوليتش: «نسمع كثيرًا أن المشاعة الريفية شكل قديم محكوم عليه بالفناء وفقًا للتاريخ والاشتراكية العلمية وأن هذا باختصار أمر مؤكد تمامًا. من يدعون لوجهة النظر هذه يسمون أنفسهم تلاميذك بامتياز: «ماركسيين»». وتكمل فتقول:

غالبا ما تكون حجتهم الأقوى هي أن ماركس قال هذا. ستسدي لنا خدمة عظيمة إن أوضحت أفكارك بخصوص المستقبل الممكن للمشاعة الريفية وبخصوص النظرية التي تفيد بأنه من الضروري تاريخيًّا أن تمر كل بلد في العالم بكل مراحل الإنتاج الرأسمالي (Zasulich ، 1983 ، ص 98-99 [تاريخ النص الأصلي 16 فبراير 1881]).

وقد أجاب ماركس على رسالتها (بعد عدة مسودات طويلة) بأن:

التحليل الوارد في «رأس المال» … لا يقدم أسبابًا مع أو ضد صلاحية المشاعة الروسية. لكن دراستي الخاصة لها، التي تضمنت البحث عن مواد أصلية، أقنعتني أن المشاعة هي نقطة ارتكاز التجديد الاجتماعي في روسيا (Marx ، 1983 ، ص 124 [تاريخ النص الأصلي 8 مارس 1881]).

المراسلات بين زاسوليتش وماركس كانت محل الكثير من الخلافات والجدل في الأدبيات الخاصة بالدراسات الفلاحية الماركسية للشعبوية، وعلى الأرجح ستبقى كذلك (انظر: Shanin 1983a, 1983b, Levien et al. 2018). من المفيد الرجوع لشانين (1983b: ص 271) الذي ذكرنا بأن «جوهر أصالة ولمعان الشعبوي الثوري الروسي تكمن … في طرح عدد من الأسئلة الجوهرية بخصوص المجتمع الرأسمالي، و«أطرافه»، والمشروع الاشتراكي». ويكمل قائًلا: «انحدار روسيا الفلاحية لم يجعل هذه الأسئلة تختفي. بل على العكس تمامًا، أصبح معظم هذه الأسئلة مطروحًا على الساحة العالمية وازدادت دلالاته أيضًا في البيئات الصناعية الفائقة». (المصدر السابق) ويختتم بقوله: «هذه الأسئلة المتروكة بلا إجابات تعود لتطارد الاشتراكيين مرارًا وتكرارًا، وستستمر في هذا حتى تواجهَ نظريًّا وسياسيًّا. أما تجنبها فيسبب ضررًا كبيرا للاشتراكية، بل لا يمكن تجنبها إلا على حساب الاشتراكية نفسها». (المصدر السابق)

رغم أن القطاع الفلاحي قل حجم سكانه ومساهمته الاقتصادية نسبيًا، فإن قيمته السياسية لم تقل بل بالعكس زادت. ومن المرجح أن تكتسب المزيد من الزخم والرواج الواسع مستقبلًا مع مواصلة الرأسمالية العالمية إفشاء البؤس بين العاملين، واشتعال سياسة تغير المناخ أكثر فأكثر (Borras et al. 2022b, Yaşın 2022). في النضالات المعاصرة ضد الرأسمالية، حركات العدالة الفلاحية من ضمن الحركات الأكثر حيوية ومعها حركات العدالة البيئية (Martinez-Alier et al. 2016, Scheidel et al. 2020, Kroger 2021, Bjork-James et al. 2022).[38] فهي تقدم مشروعات سياسية وتطرح وتمكن تصورات جديدة وراديكالية حول العالم الواجب أن يكون، رغم التناقصات والنواقص غير المحلولة. إنها تلهم أقسام مختلفة من الطبقات العاملة، ومنها الطبقات العاملة الريفية وكذلك المجتمعات متعددة الأعراق والأجيال، لكي يتحدوا وينتظموا ويحتشدوا في جنوب العالم وشماله وما بينهما. وفي خضم هذه العملية، أدت لا فيا كامبيسينا دورا رئيسًا، وهو دورٌ يرجح أنها ستلازمه.

كل الحركات الثورية العظيمة تمر بفترات مد وجزر. الحركات القوية تضعف، والحركات الضعيفة تقوى. بعضها يفقد أهميته، والبعض الآخر يتمكن من تجديد نفسه عندما تتغير الظروف المؤسسية والبنيوية. وتنهار حركات شهيرة وتنشأ حركات جديدة. ورغم صعوبة التنبؤ بما يمكن أن يحدث في المستقبل للحركات المنظمة الكبيرة الراديكالية المعاصرة مثل لا فيا كامبيسينا، فالمحتمل والأرجح بقاء جانبين: أفكار الحركات بخصوص عالم أفضل، ومشروعاتها السياسية. ويعود هذا إلى أن الجانب الأخير عند إطلاقه يصبح له حياة مستقلة عن الحركات والمنظمات التي وفرت له الزخم والطاقة السياسية في البداية. ومن ثم فالسيادة الغذائية والزراعة الإيكولوجية أكثر استقلالية وأكبر حجمًا من لا فيا كامبيسينا رغم أنهما وثيقتا الصلة بها. فأفكار ما يجب أن يكون كمستقبلٍ إيجابيٍّ للعالم بشكل عام، والعالم الفلاحي بشكل خاص، التي أطلقتها لا فيا كامبيسينا اكتسبت حياة خاصة بها أيضًا، وأنتجت حركات جماهيرية أوسع من لا فيا كامبيسينا. ولهذا من اللائق أن نحتفي بلا فيا كامبيسينا ومشروعاتها السياسية وأفكارها بشأن العالم الواجب إحداثه، والإشادة بها بمناسبة مرور ثلاثين عامًا على تأسيسها. وذلك لأنها غيرت من السياسة المعرفية والفلاحية وشاركت في بناء حقل معرفي. فلتستمر!يستخدم الكاتب (Padayon)، وذلك يعني (فلتستمر) باللغة السيبوانية، المتحدث بها في جنوب الفلبين.

شكر

تلقى هذا العمل دعمًا تمويليًا من المركز الأوروبي للبحوث (منحة رقم 834006) من خلال مشروع (RRUSHES5) المعنى بأنظمة الأرض والسلع (2019-2025). أود أن أشكر مارك إيدلمان وشايلا سيشيا جالفن وخاكوبو جراخالس وروث هول وفيل ماكمايك وأنتونيو رومان ألكالا وسيرجو ساور وإيان سكونز واثنين من مراجعي مجلة الدراسات الفلاحية (Journal of Peasant Studies) على تعليقاتهم البناءة واقتراحاتهم المفيدة. وأود أن أشكر أيضًا يونان شو على مساعدتها في إعداد الشكل وباولا باوناس على دعمها الرائع في التحرير. وأى أخطاء تبقت في النص هي مسؤوليتي.


المصدر: مجلة الدراسات الفلاحية

[1] إفصاح: قبل أن أدخل المجال الأكاديمي كنت منخرطًا بشكل مباشر في حركات راديكالية للفلاحين في الفلبين. وبهذه الصفة أصبحت عضوًا في اللجنة التنسيقية الدولية للا فيا كامبيسينا ممثلا لآسيا في الفترة من 1993 إلى 1996. لم أعد مرتبطًا بشكل رسمي بـ لا فيا كامبيسينا منذ منتصف 1996 ، لكنني رحت أتابع تطورها عن كثب.

[2] للاطلاع على تناول تاريخي لصعود لا فيا كامبيسينا، انظر:

Desmarais (2007)
Martínez-Torres and Rosset (2010)
Edelman and Borras Jr (2016).

[3] انظر نقاشًا وثيق الصلة بهذا الموضوع في (Edelman and Borras (2016))، خاصة فيما يتعلق بالحركات المنظمة التي تنتمي للجنة التخطيط الدولية للسيادة الغذائية: وانظر أيضًا Mills (2021).

[4] انظر نقاشات وثيقة الصلة بهذا الموضوع في:

Holt-Gimenez and Shattuck (2011)
Martinez-Alier et al. (2016)
Claeys and Delgado Pugley (2017)
Scheidel et al. (2020).

[5] للاطلاع على تاريخ مهم حول هذا الموضوع، انظر Shanin (1983a, 1983b) ، ولنقاش حديث انظر Borras (2020). 

[6] على سبيل المثال، ازدادت كثافة النشاط الاستخراجي في الريف (Veltmeyer and Petras 2014, McKay et al. 2021, Andrade 2022) وفي نفس الوقت أصبح مركزيًا أيضًا في الحدود الجديدة لإعادة إنتاج رأس المال المتوسع (في صورة سلع جديدة واستثمارات جديدة، إلخ) خاصة في حقبة الأمولة (Isakson 2014, Visser et al. 2015a, Clapp and Isakson 2018, Fairbairn 2020, Sosa Varroti and Gras 2021).

[7] للاطلاع على مجموعة من الانتقادات للعمل المناخي السائد المرتبط بالقضايا الفلاحية، انظر:

Paprocki (2021)
Arsel (2022)
Ribot (2022)
Yaşın (2022).

[8] للاطلاع على انتقادات للزراعة الذكية مناخيا من منظور الدراسات الفلاحية، انظر: Clapp et al. (2018) وNewell and Taylor (2018) وTaylor (2018) وانظر Barbesgaard (2018)  لمنظور متعلق بالمحيطات، وانظر Corbera and Schroeder (2011) بخصوص برنامج الأمم المتحدة التعاوني الخاص بتقليل الانبعاثات الناجمة عن إزالة الغابات وتدهورها في البلدان النامية، وHunsberger et al. (2017), Franco and Borras (2021) and Galvin and Silva Garzon (2022) بخصوص قضايا الفلاحة والأراضي وتخفيف آثار التغير المناخي.

[9] للاطلاع على مجموعات متنوعة من الأدبيات المهمة في هذا الموضوع، انظر:

Burchardt and Dietz (2014)
Arsel et al. (2016)
Ye et al. (2020)
McKay et al. (2021)
Andrade (2022)
Chagnon et al. (2022).

[10] لكن هناك تطور سياسي أصبحت فيه الحركات الفلاحية اليسارية جزءً من تحالفات أو أحزاب سياسية يسارية عريضة وصلت للسلطة. وفور تبوؤها السلطة، أصبحت العلاقات بين الحركات الفلاحية والحكومة اليسارية مشحونة بالتناقضات والتوترات بسبب الوعود غير المتحققة أو مخالفة الاتفاقات أو التفسيرات الإشكالية للمشروعات السياسية للحركات الفلاحية مثل السيادة الغذائية. للاطلاع على مجموعة متنوعة من الأدبيات النقدية، انظر:

Giunta (2014)
McKay et al. (2014)
Clark (2017)
Vergara-Camus and Kay (2017)
Tilzey (2019)
Andrade (2020)
Monjane and Bruna (2020)

[11] انظر: Redecker and Herzig (2020) لنقاش مثير عن مساهمة لا فيا كامبيسينا في تأطير مختلف للديمقراطية الجذرية.

[12] تُعرَف السيادة الغذائية بأكثر الطرق عمومية باعتبارها حق الناس في إنتاج وتداول واستهلاك الغذاء الكافي والصحي والمناسب ثقافيا بطريقة مستدامة اجتماعيا وبيئيا، وتتضمن أيضا الحقوق المنسقة لـ(معظم) الدول في إدارة أنظمتها الغذائية الإقليمية الوطنية بشكل يحترم حقوق منتجي الغذاء المحليين (لصالح السلع العامة/الأمن الغذائي الحقيقي). يعني هذا أن يتم عكس تناقص الحماية/الرقابة العامة من قبل الكيانات الخاصة في العالم. هذا أمر هائل حين نأخذ في اعتبارنا أن السياق الذي طرح فيه كل هذا كان تحرير التجارة الزراعية.

[13] للاطلاع على أدبيات أساسية متعلقة بالنقاش الحالي، انظر المراجع التالية:

 بخصوص الزراعة الإيكولوجية:

Rosset and Altieri (2017)
Giraldo and Rosset (2018)
Akram-Lodhi (2021)
Holt-Gimenez et al. (2021)
Montenegro de Wit (2021)
van der Ploeg (2021).

وانظر بخصوص الإصلاح الزراعي ونهب الموارد وسياسة الأرض:

Mehta et al. (2012)
Monsalve (2013)
Rosset (2013)
Scoones et al. (2013)

وبخصوص النضالات المتعلقة بالأرض:

 Moyo and Yeros (2005)
Peluso et al. (2008)
Deere and Royce (2009)
Wolford (2010)
Lund (2021)

بخصوص السياق التاريخي للنضالات المتعلقة بالأرض انظر:

Kay (2023)

وبخصوص التجارة الدولية:

Bello (2008)
Burnett and Murphy (2014)
Hopewell (2022)

وبخصوص الحملات المناهضة للأغذية المعدلة وراثيا:

Scoones (2008)

وبخصوص السياسات المتعلقة بالبذور وعمل النشطاء بخصوصها:

Montenegro de Wit (2019)
Peschard and Randeria (2020)
Lyon et al. (2021)
Hernandez Rodriguez (2022)

وبخصوص أنظمة الغذاء العالمية:

Friedmann and McMichael (1989)
McMichael (2020)
Canfield et al. (2021)
Guttal (2021)
Montenegro de Wit et al. (2021a)
Clapp (2022)

وبخصوص المزارع العائلية:

van der Ploeg (2013)
Graeub et al. (2016)
Akram-Lodhi (2021)

وبخصوص تغير المناخ:

Tramel (2016)
Claeys and Delgado Pugley (2017)

[14] تنويه: جزء من هذا الارتفاع على الأرجح يعود لزيادة عدد الدوريات المتخصصة أثناء العقدين الماضيين.

[15] للاطلاع على مجموعة مصادر مهمة متعلقة بهذه النقطة، انظر

People’s Knowledge Editorial Collective (2017)

[16] يستفيد نقاش هذا الموضوع من عمل بوراس وفرانكو الذي سيتم إطلاقه في منتصف 2023 تقريبا.

[17] حتى في سياق معقد سياسيًّا مثل الصين، ينتشر تأثير لا فيا كامبيسينا ومشروعاتها السياسية مثل السيادة الغذائية ببطء لكن بثبات. فهناك على سبيل المثال مجموعة فضفاضة تعمل على السيادة الغذائية (بسمات صينية) تتضمن باحثين مهمين مثل يان هيرونغ. للاطلاع على نقاش عن الباحثين والنشطاء في السياق الصيني، انظر: Yan et al. (2021).

[18] يستفيد نقاش هذا الموضوع من عمل بوراس وفرانكو الذي سيتم إطلاقه في منتصف 2023 تقريبا.

[19] استخدام تعبيرات «من أعلى» ومن «أسفل» يجب ألا يتم تفسيره على أنه يشير إلى تراتبية. بل يُستخدَم هنا لتوضيح تمايز المجالات بالتماشي مع اتجاهات استراتيجية «السندوتش» (Fox 1993).

[20] النقاش والنص الموجودين في هذه الفقرة مستعاران من بوراس ( Borras) (2023).

[21] لتناول تاريخي لهذا الموضوع انظر:

Biekart and Jelsma (1994)
Desmarais (2007)
Martinez-Torres and Rosset (2010)
Edelman and Borras (2016)

[22] الحركات الوطنية التي كونت لا فيا كامبيسينا في البداية كانت متفاوتة بشدة في الحجم والقوة السياسية. ففي حين كانت حركة فلاحين بلا أرض (Movimento dos Trabalhadores Rurais Sem Terra أو MST) في أوج قوتها السياسية، كانت الحركات الأخرى أصغر وأقل تنظيمًا. لكن كل حركة أضافت للمجموع شيئا ما. في هذا السياق، لم تكن الحركة الكورية على سبيل المثال بنفس حجم حركة فلاحين بلا أرض لكنها كانت قادرة على تقديم مساهمات قوية في موضوع التجارة الحرة الدولية (انظر: Yoon and Robbins 2023).

[23] من الأخطاء الأولية أيضا جمع كل حركات الغذاء التقدمية في كتلة واحدة، وذلك لأن الاختلافات الطبقية والأيديولوجية والسياسية بينهم كبيرة (Holt-Gimenez and Shattuck 2011).

[24] آخر جولة من المواجهة السياسية مع الدولة ورأس المال الكبير كانت في 2020-2021. لتحليل نقدي لاحتجاجات المزارعين الهنود في 2020-2021 التي تعتبر وثيقة الصلة بهذا النقاش، انظر:

Baviskar and Levien (2021)
Kumar (2021)
Lerche (2021)

وللاطلاع على خلفية تاريخية للسياق انظر: Brass (1995).

[25] انظر  https://asianpeasantcoalition.wordpress.com.
ولمزيد من النقاش انظر Edelman and Borras (2016).

[26] على سبيل المثال، انظر مقابلة تمت عام 2007 مع جوا بيدرو ستادل (Stedile 2007) ومقابلة حديثة مع إبراهيما كوليبالي (Coulibaly and Grajales 2023) عن التوتر بين القادة الأفارقة والأمريكيين اللاتينيين في لا فيا كامبيسينا. انظر أيضًا Baletti et al. (2008) بخصوص جهود حركة فلاحين بلا أرض في البرازيل لتنظيم الحركة الشعبية للمحرومين من الأراضي في جنوب أفريقيا.

[27] المعلومات التي جمعها المؤلف على مدار ثلاثة عقود معظمها معلومات خاصة. ومن ثم، التفاصيل غير مذكورة هنا.

[28] انظر المقابلة مع بول نيكولسون الذي ذكر هذا الأمر بفخر (Nicholson and Borras 2023).

[29] للنقاشات المعنية بقضايا متعلقة بالعمال الريفيين ومنهم المتدربين في المزارع العضوية وعمال المزارع المهاجرين في سياق التعبئة الريفية المعاصرة، انظر:

Welch and Sauer (2015)
Chambati (2017)
Shivji (2017)
Ekers (2019)
Pye (2021)
Xiuhtecutli and Shattuck (2021)

[30] لنقاش أوسع حول السياق المتعلق بالعلاقات الريفية الحضرية، انظر Kay (2009).

[31] التعديلات السياسية ضرورية أيضًا لتصحيح أو تجنب الأخطاء فيما يتعلق بتوسيع نطاق الدعوات المتمحورة حول الفلاحين إلى فئات اجتماعية أخرى في الريف، وهو ما قد يكون له آثار غير متعمدة رغم النوايا الطيبة. فالإصلاح الزراعي حين يتم تطبيقه على المجتمعات العاملة بالرعي ربما يعني التوطين في أراضي خاصة كالمزارع (Scoones 2021) أو ربما يخرب تماسك مجتمعات الشعوب الأصلية.

[32] انظر الجزء الختامي في مقابلة حديثة مع بول نيكولسون (Nicholson and Borras 2023).

[33] هناك منشورات أكاديمية عديدة تأتي من هذا المنظور. بخصوص قضية السيادة الغذائية تتضمن قائمتي:

Burnett and Murphy (2014)
Edelman (2014)
Edelman et al. (2014)
Alonso-Fradejas et al. (2015)
Park et al. (2015)
Robbins (2015)
Shattuck et al. (2015)
Visser et al. (2015b)
Kepkiewicz and Dale (2019)
Gyapong (2021)

[34] العبارة الأخيرة من برنستين يجب النظر إليها في مقابل ما ذكرتنا به نيتي وايبي (وهي مزارعة وناشطة أكاديمية ومن قيادات لا ف

يا كامبيسينا) فيما يتعلق بلا فيا كامبيسينا ونضالاتها السياسية. فقد قالت: «لكي يكون المرء ناشطا يجب أن يكون لديه ويظهر عليه الأمل.. فقط من يشتركون في الاستعداد للإيمان بأن التغيير سيعملون على تحقيقه» (Wiebe 2023).

[35] في هذا السياق، اعترف برنستين بالمساهمات الرائدة لأوكونر (O’Connor 1998) وفوستر (Foster 2000).

[36] يقدم Martinez-Alier (2011)  طرحًا شبيهًا بخصوص تدفقات الطاقة والزراعة صغيرة الحجم ولا فيا كامبيسينا، ويقدم Ricciardi et al. (2021) عرضًا محدثًا عن إنتاجية المزارعين صغار الحجم. أما Weis (2010) فيناقش التناقضات الفيزيائية الحيوية المتسارعة في الزراعة الصناعية الرأسمالية، وهو نقاش يصبح مقلقًا بدرجة أكبر حين ينظر المرء إلى الاتجاهات الحادثة في شبكة الأطراف والمصالح الكيميائية الزراعية في العالم (Shattuck 2021).

[37] انظر:

Mier y Terán Giménez Cacho et al. (2018)
Anderson et al. (2019)
Akram-Lodhi (2021)
Holt-Gimenez et al. (2021)
van der Ploeg (2021).

انظر أيضا:

Chayanov (1991)
Hu et al. (2022).

[38] التداخل الحادث بين العدالة الفلاحية والتغير المناخي في النضالات السياسية (ويصاغ في تعبير العدالة المناخية الفلاحية) أمر يستحق الانتباه. انظر أفكار أولية حول هذا الموضوع في:

Calmon et al. (2021)
Sekine (2021)
Shah (2022)
Yaşın (2022)

Agarwal, B. 2014. “Food Sovereignty, Food Security and Democratic Choice: Critical Contradictions, Difficult Conciliations.” Journal of Peasant Studies 41 (6): 1247–1268. doi:10.1080/03066150.2013. 876996

Ajl, M. 2021. A People’s Green New Deal. London: Pluto

Akram-Lodhi, A. H. 2021. “The Ties That Bind? Agroecology and the Agrarian Question in the Twenty-First Century.” Journal of Peasant Studies 48 (4): 687–714. doi:10.1080/03066150.2021. 1923010

Akram-Lodhi, A. H., K. Dietz, B. Engels, B. M. McKay, 2021. “An Introduction to the Handbook of Critical Agrarian Studies.” In Handbook of Critical Agrarian Studies, edited by A. Akram-Lodhi, K. Dietz, B. Engels. and B. McKay, 1–8. Cheltenham UK: Edward Elgar.

Alabrese, M., A. Bessa, M. Brunori, and P. F. Giuggioli, eds. 2022. The United Nations’ Declaration on Peasants’ Rights. Abingdon, Oxon: Routledge

Alonso-Fradejas, A., S. M. Borras Jr, T. Holmes, E. Holt-Giménez, and M. J. Robbins. 2015. “Food Sovereignty: Convergence and Contradictions, Conditions and Challenges.” Third World Quarterly 36 (3): 431–448. doi:10.1080/01436597.2015.1023567

Altieri, M. A., and V. M. Toledo. 2011. “The Agroecological Revolution in Latin America: Rescuing Nature, Ensuring Food Sovereignty and Empowering Peasants.” Journal of Peasant Studies 38 (3): 587–612.

Anderson, C. R., J. Bruil, M. J., Chappell, C. Kiss, and M. P. Pimbert. 2019. “From Transition to Domains of Transformation: Getting to Sustainable and Just Food Systems through Agroecology.” Sustainability 11 (19): 5272.

Andrade, D. 2020. “Populism from Above and Below: The Path to Regression in Brazil.” Journal of Peasant Studies 47 (7): 1470-1496.

Andrade, D. 2022. “Neoliberal Extractivism: Brazil in the Twenty-First Century.” Journal of Peasant Studies: 1-24. https://doi.org/10.1080/03066150.2022.2030314

Arsel, M. 2022. “Climate Change and Class Conflict in the Anthropocene: Sink or Swim Together?”  Journal of Peasant Studies 50(1): 67-95. doi:10.1080/03066150.2022.2113390

Arsel, M., B. Hogenboom, and L. Pellegrini. 2016. “The Extractive Imperative in Latin America.” The Extractive Industries and Society 3(4): 880–887. doi:10.1016/j.exis.2016.10.014

Ashwood, L. 2018. “Rural Conservatism or Anarchism? The Pro‐state, Stateless, and Anti‐state Positions.” Rural Sociology 83 (4): 717–748.

Baletti, B., Johnson, T. M. and Wolford, W. 2008. “‘Late Mobilization’: Transnational Peasant Networks and Grassroots Organizing in Brazil and South Africa.” Journal of Agrarian Change, 8(2‐3), 290-314.

Barbesgaard, M. 2018. “Blue Growth: Savior or Ocean Grabbing?” Journal of Peasant Studies 45 (1): 130–149.

Baviskar, A., and M. Levien. 2021. “Farmers’ Protests in India: Introduction to the JPS Forum.” Journal of Peasant Studies 48 (7): 1341–1355. doi:10.1080/03066150.2021.1998002

Bello, W. 2008. Deglobalization: Ideas for a New World Economy. Zed Books Ltd.

Bernstein, H. 2006. “Is There an Agrarian Question in the 21st Century?”. Canadian Journal of Development Studies 27 (4): 449-460.

Bernstein, H. 2010a. Class Dynamics of Agrarian Change. Halifax, NS: Fernwood.

Bernstein, H. 2010b. “Introduction: Some Questions Concerning the Productive Forces.” Journal of Agrarian Change 10 (3): 300–314. doi:10.1111/j.1471-0366.2010.00272.x

Bernstein, H. 2014. “Food Sovereignty via the ‘Peasant Way’: A Sceptical View.” Journal of Peasant Studies 41 (6): 1031–1063. doi:10.1080/03066150.2013.852082

Bernstein, H. 2018. “The ‘Peasant Problem’ in the Russian Revolution(s), 1905–1929.” Journal of Peasant Studies 45 (5-6): 1127–1150. doi:10.1080/03066150.2018.1428189

Bernstein, H. 2022. “Marxism(s) and the Politics of Land.” In The Oxford Handbook of Land Politics, edited by S. M. Borras and J. C. Franco, pp. 1-19. Oxford: Oxford University Press. https://doi.org/10.1093/oxfordhb/9780197618646.013.35

Biekart, K., and M. Jelsma, eds. 1994. Peasants Beyond Protest in Central America. Amsterdam: Transnational Institute.

Bjork-James, C., M. Checker, and M. Edelman. 2022. “Transnational Social Movements: Environmentalist, Indigenous, and Agrarian Visions for Planetary Futures.” Annual Review of Environment and Resources 47: 20.1–20.26. doi:10.1146/annurev-environ-112320-084822

Bloch, M. 1992 [1954]. The Historian’s Craft. Manchester: Manchester University Press.

Borras, S. M. 2020. “Agrarian Social Movements: The Absurdly Difficult but not Impossible Agenda of Defeating Right-Wing Populism and Exploring a Socialist Future.” Journal of Agrarian Change 20 (1): 3–36. doi:10.1111/joac.12311

Borras, S.M. 2023. “Politically Engaged, Pluralist and Internationalist: Critical Agrarian Studies Today”. Journal of Peasant Studies 50(2). https://doi.org/10.1080/03066150.2022.2163164

Borras, S. M., and J. C. Franco. 2013. “Global Land Grabbing and Political Reactions ‘from Below’.” Third World Quarterly 34 (9): 1723–1747. doi:10.1080/01436597.2013.843845

Borras, S.M., and J.C. Franco. 2023. Scholar-Activism and Land Struggles. Rugby, UK: Practical Action Books.

Borras, S.M., J.C. Franco, S. R. Isakson, L. Levidow, and P. Vervest. 2016. “The Rise of Flex Crops and Commodities: Implications for Research.” Journal of Peasant Studies 43 (1): 93–115. doi:10.1080/03066150.2015.1036417

Borras, S. M., J. C. Franco, D. Ra, T. Kramer, M. Kamoon, P. Phyu, K. K. Ju, et al. 2022a. “Rurally Rooted Cross-Border Migrant Workers from Myanmar, Covid-19, and Agrarian Movements.” Agriculture and Human Values 39 (1): 315–338. doi:10.1007/s10460-021-10262-6

Borras, S. M., I. Scoones, A. Baviskar, M. Edelman, N. L. Peluso, and W. Wolford. 2022b. “Climate Change and Agrarian Struggles: An Invitation to Contribute to a JPS Forum.” Journal of Peasant Studies 49 (1): 1–28. doi:10.1080/03066150.2021.1956473

Brass, T. 1995. New Farmers’ Movements in India. London: Routledge.

Brem-Wilson, J. 2017. “La Vía Campesina and the UN Committee on World Food Security: Affected Publics and Institutional Dynamics in the Nascent Transnational Public Sphere.” Review of International Studies 43 (2): 302–329.

Brent, Z. W.,  A. Alonso-Fradejas, G. Colque, and S. Sauer. 2018. “The ‘Tenure Guidelines’ as a Tool for Democratising Land and Resource Control in Latin America.” Third World Quarterly 39 (7): 1367–1385.

Bryceson, D. F., C. Kay, and J. Mooij. 2000. Disappearing Peasantries? Rural Labour in Africa, Asia and Latin America. London, UK: Intermediate Technology Publications.

Burawoy, M. 2014. “Foreword.” In The Public Sociology Debate: Ethics and Engagement, edited by A. Hanemaayer, and C. Schneider, ix–xviii. Vancouver, BC: University of British Columbia Press.

Burchardt, H. J., and K. Dietz. 2014. “(Neo-) Extractivism–a new Challenge for Development Theory from Latin America.” Third World Quarterly 35 (3): 468–486. doi:10.1080/01436597.2014.893488

Burnett, K., and S. Murphy. 2014. “What Place for International Trade in Food Sovereignty?” Journal of Peasant Studies 41 (6): 1065–1084. doi:10.1080/03066150.2013.876995

Calmon, D., C. Jacovetti, and M. Koné. 2021. “Agrarian Climate Justice as a Progressive Alternative to Climate Security: Mali at the Intersection of Natural Resource Conflicts.” Third World Quarterly 42 (12): 2785–2803.

Calvário, R., and A. A. Desmarais. 2023. The Feminist Dimensions of Food Sovereignty: Insights from La Via Campesina’s Politics,” Journal of Peasant Studies, DOI: 10.1080/03066150.2022.2153042

Canfield, M., M. D. Anderson, and P. McMichael. 2021. “UN Food Systems Summit 2021: Dismantling Democracy and Resetting Corporate Control of Food Systems.” Frontiers in Sustainable Food Systems 5: 661552. doi:10.3389/fsufs.2021.661552

Castree, N. 2000. “Professionalisation, Activism, and the University: Whither ‘Critical Geography’?” Environment and Planning A 32 (6): 955–970. doi:10.1068/a3263

Chagnon, C. W., F. Durante, B. K. Gills, S. E. Hagolani-Albov, S. Hokkanen, S. M. Kangasluoma, … and M. P. Vuola. 2022. “From Extractivism to Global Extractivism: The Evolution of an Organizing Concept.” Journal of Peasant Studies 49 (4): 760–792

Chambati, W. 2017. “Changing Forms of Wage Labour in Zimbabwe’s New Agrarian Structure.” Agrarian South: Journal of Political Economy 6 (1): 79–112. doi:10.1177/2277976017721346

Chayanov, A. V. 1986 [1925]. Theory of Peasant Economy. Madison, WI: Univ of Wisconsin Press.

Chayanov, A. V. 1991. The Theory of Peasant Co-Operatives. Columbus, OH: Ohio State University Press. https://core.ac.uk/download/pdf/76295499.pdf.

Claeys, P., and D. Delgado Pugley. 2017. “Peasant and Indigenous Transnational Social Movements Engaging with Climate Justice.” Canadian Journal of Development Studies 38 (3): 325–340. doi:10. 1080/02255189.2016.1235018

Claeys, P., and M. Edelman. 2020. “The United Nations Declaration on the rights of peasants and other people working in rural areas.” Journal of Peasant Studies 47 (1): 1–68. doi:10.1080/03066150.2019.1672665

Clapp, J. 2022. “Concentration and Crises: Exploring the Deep Roots of Vulnerability in the Global Industrial Food System.” Journal of Peasant Studies 50(1): 1–25. https://doi.org/10.1080/03066150.2022.2129013

Clapp, J., and S. R. Isakson. 2018. Speculative Harvests: Financialization, Food and Agriculture. Halifax, NS: Fernwood.

Clapp, J., P. Newell, and Z. W. Brent. 2018. “The Global Political Economy of Climate Change, Agriculture and Food Systems.” Journal of Peasant Studies 45 (1): 80–88. doi:10.1080/03066150.2017.1381602

Clark, P. 2017. “Neo‐Developmentalism and a ‘Vía Campesina’ for Rural Development: Unreconciled Projects in Ecuador’s Citizen’s Revolution.” Journal of Agrarian Change 17 (2): 348–364.

Corbera, E., and H. Schroeder. 2011. “Governing and Implementing REDD+.” Environmental Science & Policy 14 (2): 89–99. doi:10.1016/j.envsci.2010.11.002

Coronado, S. 2019. “Rights in the Time of Populism: Land and Institutional Change Amid the Reemergence of Right-Wing Authoritarianism in Colombia.” Land 8 (8): 119. doi:10.3390/land8080119

Coulibaly, I., and J. Grajales. 2023. Being a Peasant is about Resistance: West African Peasant Movements and the Struggle for Agrarian Justice. Journal of Peasant Studies 50(2).

Cousins, B. 2022. “Land, Social Reproduction, and Agrarian Change.” In The Oxford Handbook of Land Politics, edited by S. M. Borras and J. C. Franco, pp. 1-17. Oxford: Oxford University Press. https://doi.org/10.1093/oxfordhb/9780197618646.013.32

Deere, C. D. and F.S. Royce. 2009. Rural Social Movements in Latin America: Organizing for Sustainable Livelihoods. University Press of Florida.

De Schutter, O. 2011. “How Not to Think of Land-Grabbing: Three Critiques of Large-Scale Investments in Farmland. Journal of Peasant Studies 38 (2): 249–279.

Dell’Angelo, J., G. Navas, M. Witteman, G. D’Alisa, A. Scheidel, and L. Temper. 2021. “Commons Grabbing and Agribusiness: Violence, Resistance and Social Mobilization.” Ecological Economics 184: 107004. doi:10.1016/j.ecolecon.2021.107004

Desmarais, A. A. 2007. La Vía Campesina. Halifax, NS: Fernwood.

Duncan, J., P. Claeys, M. G. Rivera-Ferre, E. Oteros-Rozas, B. Van Dyck, C. Plank, and A. A. Desmarais. 2021. “Scholar-Activists in an Expanding European Food Sovereignty Movement.” Journal of Peasant Studies 48 (4): 875–900.

Dunlap, A. 2018. “Counterinsurgency for Wind Energy: The Bíi Hioxo Wind Park in Juchitán, Mexico.” Journal of Peasant Studies 45 (3): 630–652. doi:10.1080/03066150.2016.1259221

Edelman, M. 1999. Peasants Against Globalization: Rural Social Movements in Costa Rica. Stanford, CA: Stanford University Press.

Edelman, M. 2009. “Synergies and Tensions Between Rural Social Movements and Professional Researchers.” Journal of Peasant Studies 36 (1): 245–265. doi:10.1080/03066150902820313

Edelman, M. 2014. “Food Sovereignty: Forgotten Genealogies and Future Regulatory Challenges.” Journal of Peasant Studies 41 (6): 959–978. doi:10.1080/03066150.2013.876998

Edelman, M., and S. M. Borras Jr. 2016. Political Dynamics of Transnational Agrarian Movements. Halifax, NS: Fernwood.

Edelman, M., and W. Wolford. 2017. “Introduction: Critical Agrarian Studies in Theory and Practice.” Antipode 49 (4): 959–976. doi:10.1111/anti.12326

Edelman, M., T. Weis, A. Baviskar, S. M. Borras Jr, E. Holt-Giménez, D. Kandiyoti, and W. Wolford. 2014. “Introduction: Critical Perspectives on Food Sovereignty.” Journal of Peasant Studies 41 (6): 911–931. doi:10.1080/03066150.2014.963568

Ekers, M. 2019. “The Curious Case of Ecological Farm Interns: on the Populism and Political Economy of Agro-Ecological Farm Work.” Journal of Peasant Studies 46 (1): 21–43.

Fairbairn, M. 2020. Fields of Gold: Financing the Global Land Rush. Ithaca, NY: Cornell University Press.

Fairhead, J., M. Leach, and I. Scoones. 2 012. “Green Grabbing: A New Appropriation of Nature?”  Journal of Peasant Studies 39 (2): 237–261. doi:10.1080/03066150.2012.671770

Fernandes, B. M., C. A. Welch, and E. C. Gonçalves. 2010. “Agrofuel Policies in Brazil: Paradigmatic and Territorial Disputes.” Journal of Peasant Studies 37 (4): 793–819.

Foster, J. B. 2000. Marx’s Ecology: Materialism and Nature. London: Monthly Review Press.

Fox, J. 1990. “The Challenge of Rural Democratization: Perspectives from Latin America and the Philippines.” Journal of Development Studies 26 (4), special issue.

Fox, J. 1993. The Politics of Food in Mexico: State Power and Social Mobilization. Ithaca, NY: Cornell University Press.

Fox, J. A. 2010. Coalitions and Networks. Center for Global, International and Regional Studies, UC Santa Cruz. https://escholarship.org/uc/item/1x05031j

Franco, J., and S. Monsalve Suárez. 2018. “Why Wait for the State? Using the CFS Tenure Guidelines to Recalibrate Political-Legal Struggles for Democratic Land Control.” Third World Quarterly 39 (7): 1386–1402.

Franco, J. C., and S. M. Borras Jr. 2019. “Grey Areas in Green Grabbing: Subtle and Indirect Interconnections between Climate Change Politics and Land Grabs and their Implications for Research.” Land Use Policy 84: 192–199.

Franco, J. C., and S. M. Borras Jr. 2021. “The Global Climate of Land Politics.” Globalizations 18 (7): 1277–1297. doi:10.1080/14747731.2021.1979717

Fraser, N. 2021. “Climates of Capital: For a Trans-Environmental Eco-Socialism.” New Left Review 127: 94–127.

Friedmann, H., and P. McMichael. 1989. “Agriculture and the State System: The Rise and Decline of National Agricultures, 1870 to the Present.” Sociologia Ruralis 29 (2): 93–117. doi:10.1111/j.1467-9523.1989.tb00360.x

Galvin, S. S., and D. Silva Garzón. 2022. “The Political Life of Mitigation: From Carbon Accounting to Agrarian Counter-Accounts.” Journal of Peasant Studies: 1–24. https://doi.org/10.1080/03066150.2022.2153043

Gaventa, J. 1982. Power and Powerlessness: Quiescence and Rebellion in an Appalachian Valley. Champaign, IL: University of Illinois Press.

Gerber, J. F. 2020. “Degrowth and Critical Agrarian Studies.” Journal of Peasant Studies 47 (2): 235–264. doi:10.1080/03066150.2019.1695601

Giraldo, O. F., and P. M. Rosset. 2018. “Agroecology as a Territory in Dispute: Between Institutionality and Social Movements.” Journal of Peasant Studies 45 (3): 545–564.

Giunta, I. 2014. “Food sovereignty in Ecuador: Peasant Struggles and the Challenge of Institutionalization.” Journal of Peasant Studies 41 (6): 1201–1224.

Graeub, B. E., M. J. Chappell, H. Wittman, S. Ledermann, R. B. Kerr, and B. Gemmill-Herren. 2016. “The State of Family Farms in the World.” World Development 87: 1–15.

Grajales, J. 2021. Agrarian Capitalism, War and Peace in Colombia: Beyond Dispossession. London: Routledge.

Grubačić, A., Gerber, J-F. and Rilović, A. 2022. “Land in the Anarchist Tradition”. In S.M.Borras and J.C. Franco (Eds.) The Oxford Handbook of Land Politics, pp.1-16. Oxford: Oxford University Press. https://doi.org/10.1093/oxfordhb/9780197618646.013.7

Guerrero L., L. Laura van Oers, J. Smessaert, J. Spanier, G. Raj, and G. Feola. 2023. “Degrowth and Agri-Food Systems: A Research Agenda for the Critical Social Sciences.” Sustainability Science January. https://doi.org/10.1007/s11625-022-01276-y.

Guttal, S. 2021. “Re-imagining the UN Committee on World Food Security.” Development 64 (3): 227–235.

Gyapong, A. Y. 2021. “Land Grabs, Farmworkers, and Rural Livelihoods in West Africa: Some Silences in the Food Sovereignty Discourse.” Globalizations 18 (3): 339–354. doi:10.1080/14747731.2020.1716922

Hale, C. R. 2006. “Activist Research v. Cultural Critique: Indigenous Land Rights and the Contradictions of Politically Engaged Anthropology.” Cultural Anthropology 21 (1): 96–120. doi:10.1525/can.2006.21.1.96

Hall, R., M. Edelman, S. M. Borras Jr, I. Scoones, B. White, and W. Wolford. 2015. “Resistance, Acquiescence or Incorporation? An Introduction to Land Grabbing and Political Reactions ‘from Below’.” Journal of Peasant Studies 42 (3-4): 467–488. doi:10.1080/03066150.2015.1036746

Hall, R., I. Scoones, and D. Tsikata. 2017. “Plantations, Outgrowers and Commercial Farming in Africa: Agricultural Commercialisation and Implications for Agrarian Change.” Journal of Peasant Studies 44 (3): 515–537. doi:10.1080/03066150.2016.1263187

Harriss-White, B. 2022. “Petty Commodity Production.” Journal of Peasant Studies, 50(1): 295-314. doi:10.1080/ 03066150.2022.2138354.

Henderson, T. P. 2018. “The Class Dynamics of Food Sovereignty in Mexico and Ecuador.” Journal of Agrarian Change 18 (1): 3–21. doi:10.1111/joac.12156

Hernández Rodríguez, C. 2022. “Seed Sovereignty as Decommodification: A Perspective from Subsistence Peasant Communities in Southern Mexico.” Journal of Peasant Studies: 1–28. https://doi.org/10.1080/03066150.2022.2025780

Herren, H. R., B. Haerlin, and IAASTD+10 Advisory Group, eds. 2020. Transformation of Our Food Systems: The Making of a Paradigm Shift. Reflections since IAASTD – 10 Years On. Bochum and Zürich: Zukunftsstiftung Landwirtschaft & Biovision. https://www.globalagriculture.org/fileadmin/files/weltagrarbericht/IAASTD-Buch/PDFBuch/BuchWebTransformationFoodSystems.pdf

Hobsbawm, E. J. 1971. “From Social History to the History of Society.” Daedalus 100 (1): 20–45. Win 71. https://eric.ed.gov/?id=EJ038652.

Holleman, H. 2018. Dust Bowls of Empire. New Haven, CT: Yale University Press.

Holt-Giménez, E. 2006. Campesino a Campesino: Voices from Latin America’s Farmer to Farmer Movement for Sustainable Agriculture. Oakland: Food First Books.

Holt Giménez, E., and A. Shattuck. 2011. “Food Crises, Food Regimes and Food Movements: Rumblings of Reform or Tides of Transformation?” Journal of Peasant Studies 38 (1): 109–144. doi:10.1080/03066150.2010.538578.

Holt-Giménez, E., A. Shattuck, and I. Van Lammeren. 2021. “Thresholds of Resistance: Agroecology, Resilience and the Agrarian Question.” Journal of Peasant Studies 48 (4): 715–733. doi:10.1080/03066150.2020.1847090

Hopewell, K. 2022. “Heroes of the Developing World? Emerging Powers in WTO Agriculture Negotiations and Dispute Settlement.” Journal of Peasant Studies 49 (3) 561–584.

Hu, Z., Q. F. Zhang, and J. Donaldson. 2022. “Why Do Farmers’ Cooperatives Fail in a Market Economy? Rediscovering Chayanov with the Chinese Experience.” Journal of Peasant Studies: 1–31. https://doi.org/10.1080/03066150.2022.2104159.

Hubert, C. 2019. The United Nations Declaration on the Rights of Peasants: A Tool in the Struggle for Our Common Future. Geneva: Centre Europe–Tiers Monde. https://www.cetim.ch/the-united-nations-declaration-on-the-rights-of-peasants-as-e-book-and-pdf/.

Hunsberger, C., E. Corbera, S. M. Borras Jr, J. C. Franco, K. Woods, C. Work, R. de la Rosa, et al. 2017. “Climate Change Mitigation, Land Grabbing and Conflict: Towards a Landscape-Based and Collaborative Action Research Agenda.” Canadian Journal of Development Studies 38 (3): 305–324. doi:10.1080/02255189.2016.1250617

IAASTD. 2009. Agriculture at a Crossroads: Global Report. Washington, D.C.: International Assessment of Agricultural Knowledge, Science and Technology for Development & Island Press. http://www.fao.org/fileadmin/templates/est/Investment/Agriculture_at_a_Crossroads_Global_Report_IAASTD.pdf.

Iles, A. and Montenegro de Wit, M. 2015. Sovereignty at What Scale? An Inquiry into Multiple Dimensions of Food Sovereignty. Globalizations, 12(4), 481-497.

Isakson, S. R. 2014. “Food and Finance: The Financial Transformation of Agro-Food Supply Chains.” Journal of Peasant Studies 41 (5): 749–775.

Jacobs, R. 2018. “An Urban Proletariat with Peasant Characteristics: Land Occupations and Livestock Raising in South Africa.” Journal of Peasant Studies 45 (5-6): 884–903. doi:10.1080/03066150.2017.1312354

Jansen, K. 2015. “The Debate on Food Sovereignty Theory: Agrarian Capitalism, Dispossession and Agroecology.” Journal of Peasant Studies 42 (1): 213–232. doi:10.1080/03066150.2014.945166

Kass, H. 2022. “Food Anarchy and the State Monopoly on Hunger.” Journal of Peasant Studies: 1–20. doi:10.1080/03066150.2022.2101099.

Kay, C. 2009. “Development Strategies and Rural Development: Exploring Synergies, Eradicating Poverty.” Journal of Peasant Studies 36 (1): 103–137. doi:10.1080/03066150902820339

Kay, C. 2023. “Land and National Development Strategies in the Cold War Era.” In The Oxford Handbook of Land Politics, edited by S. M. Borras, and J. C. Franco, pp. 1-18. Oxford: Oxford University Press. https://doi.org/10.1093/oxfordhb/9780197618646.013.5

Kepkiewicz, L., and B. Dale. 2019. “Keeping ‘Our’ Land: Property, Agriculture and Tensions between Indigenous and Settler Visions of Food Sovereignty in Canada.” Journal of Peasant Studies 46 (5): 983–1002.

Kerkvliet, B. 2009. “Everyday Politics in Peasant Societies (and Ours).” Journal of Peasant Studies 36 (1): 227–243.

Kröger, M. 2021. Iron Will: Global Extractivism and Mining Resistance in Brazil and India. Ann Arbor, MI: University of Michigan Press.

Kumar, S. 2021. “Class, Caste and Agrarian Change: The Making of Farmers’ Protests.” Journal of Peasant Studies 48 (7): 1371–1379. doi:10.1080/03066150.2021.1990046

Lerche, J. 2021. “The Farm Laws Struggle 2020–2021: Class-Caste Alliances and Bypassed Agrarian Transition in Neoliberal India.” Journal of Peasant Studies 48 (7): 1380–1396.

Levien, M. 2018. Dispossession Without Development: Land Grabs in Neoliberal India. New York: Oxford University Press.

Levien, M., M. Watts, and H. Yan. 2018. “Agrarian Marxism.” Journal of Peasant Studies 45 (5-6): 853–883. doi:10.1080/03066150.2018.1534101

Levkoe, C. Z. 2006. “Learning Democracy through Food Justice Movements.” Agriculture and Human Values 23 (1): 89–98.

Li, T. M. 2011. “Centering Labor in the Land Grab Debate.” Journal of Peasant Studies 38 (2): 281–298. doi:10.1080/03066150.2011.559009

Li, T. M., and P. Semedi. 2021. Plantation Life: Corporate Occupation in Indonesia’s Oil Palm Zone. Durham, NC: Duke University Press.

Lieblein, G., T. A. Breland, C. Francis, and E. Østergaard. 2012. “Agroecology Education: Action-Oriented Learning and Research.” Journal of Agricultural Education and Extension 18 (1): 27–40.

Lund, C. 2021. Nine-tenths of the Law: Enduring Dispossession in Indonesia. New Haven, CT: Yale University Press.

Lyon, A., et al. 2021. “Can Public Universities Play a Role in Fostering Seed Sovereignty?” Elem Sci Anth 9 (1): 1–14. DOI: https://doi.org/ 10.1525/elementa.2021.00089

Magdoff, F., J. B. Foster, and F. H. Buttel. eds. 2000. Hungry for Profit: The Agribusiness Threat to Farmers, Food, and the Environment. New York: Monthly Review Press

Malseed, K. 2008. “Where There is No Movement: Local Resistance and the Potential for Solidarity.” Journal of Agrarian Change 8 (2–3): 489–514.

Mamonova, N. 2015. “Resistance or Adaptation? Ukrainian Peasants’ Responses to Large-Scale Land Acquisitions.” Journal of Peasant Studies 42 (3–4): 607–634.

Mamonova, N., and J. Franquesa. 2020. “Populism, Neoliberalism and Agrarian Movements in Europe. Understanding Rural Support for Right-Wing Politics and Looking for Progressive Solutions.” Sociologia Ruralis 60 (4): 710–731. doi:10.1111/soru.12291

Martinez-Alier, J. 2003. The Environmentalism of the Poor: A Study of Ecological Conflicts and Valuation. Cheltenham: Edward Elgar Publishing.

Martinez-Alier, J. 2011. “The EROI of Agriculture and its Use by the Via Campesina.” Journal of Peasant Studies 38 (1): 145–160.

Martínez-Torres, M. E., and P. M. Rosset. 2010. “La Vía Campesina: The Birth and Evolution of a Transnational Social Movement.” Journal of Peasant Studies 37 (1): 149–175. doi:10.1080/03066150903498804

Martinez-Alier, J., L. Temper, D. Del Bene, and A. Scheidel. 2016. “Is There a Global Environmental Justice Movement?” Journal of Peasant Studies 43 (3): 731–755. doi:10.1080/03066150.2016.1141198

Marx, K. 1968 [1852]. “The Eighteenth Brumaire of Louis Bonaparte.” In Selected Works in One Volume, edited by K. Marx and F. Engels, 94–179. Moscow: Progress Publishers.

Marx, K. (1983 [original 1881]). “The Reply to Zasulich.” In Late Marx and the Russian Road, edited by T. Shanin, 123–124. London: Routledge and Kegan Paul.

McClintock, N. 2014. “Radical, Reformist, and Garden-Variety Neoliberal: Coming to Terms with Urban Agriculture’s Contradictions.” Local Environment 19 (2): 147–171. doi:10.1080/13549839. 2012.752797

McKay, B., R. Nehring, and M. Walsh-Dilley. 2014. “The ‘State’ of Food Sovereignty in Latin America: Political Projects and Alternative Pathways in Venezuela, Ecuador and Bolivia.” Journal of Peasant Studies 41 (6): 1175–1200. doi:10.1080/03066150.2014.964217

McKay, B. M., Fradejas, A. A., and Ezquerro-Cañete, A. eds. 2021. Agrarian Extractivism in Latin America. Abingdon: Routledge.

McKeon, N. 2015. La Via Campesina: “The ‘Peasants Way’ to Changing the System, not the Climate.” Journal of World-Systems Research 21 (2): 241–249.

McMichael, P. 2008. “Peasants Make Their Own History, but not Just as They Please.” Journal of Agrarian Change 8 (2–3): 205–228. doi:10.1111/j.1471-0366.2008.00168.x

McMichael, P. 2013. Food Regimes and Agrarian Questions. Halifax, NS: Fernwood Publishing.

McMichael, P. 2020. “Does China’s ‘Going Out’ Strategy Prefigure a New Food Regime?” Journal of Peasant Studies 47 (1): 116–154. doi:10.1080/03066150.2019.1693368

Mehta, L., G. J. Veldwisch, and J. Franco. 2012. “Introduction to the Special Issue: Water Grabbing? Focus on the (Re) Appropriation of Finite Water Resources.” Water Alternatives 5(2): 193–207.

Méndez, V. E., C.M. Bacon, and R. Cohen. 2013. “Agroecology as a Transdisciplinary, Participatory, and Action-Oriented Approach.” Agroecology and Sustainable Food Systems 37 (1): 3–18.

Mier y Terán Giménez Cacho, M., O. F. Giraldo, M. Aldasoro, H. Morales, B. G. Ferguson, P. Rosset, … and C. Campos. 2018. “Bringing Agroecology to Scale: Key Drivers and Emblematic Cases.” Agroecology and Sustainable Food Systems 42 (6): 637–665.

Mills, E. N. 2021. “The Politics of Transnational Fishers’ Movements.” Journal of Peasant Studies: 1–26. doi:10.1080/03066150.2021.1975271.

Monjane, B., and N. Bruna. 2020. “Confronting Agrarian Authoritarianism: Dynamics of Resistance to PROSAVANA in Mozambique.” Journal of Peasant Studies 47 (1): 69–94. doi:10.1080/03066150. 2019.1671357

Monsalve, S. M. 2013. “The Human Rights Framework in Contemporary Agrarian Struggles.” Journal of Peasant Studies 40 (1): 239–290. doi:10.1080/03066150.2011.652950

Montenegro de Wit, M. 2019. “Beating the Bounds: How Does ‘Open Source’ Become a Seed Commons?” Journal of Peasant Studies 46 (1): 44–79. doi:10.1080/03066150.2017.1383395

Montenegro de Wit, M. 2021. “What Grows from a Pandemic? Toward an Abolitionist Agroecology.” Journal of Peasant Studies 48 (1): 99–136. doi:10.1080/03066150.2020.1854741

Montenegro de Wit, M., M. Canfield, A. Iles, M. Anderson, N. McKeon, S. Guttal, … and S. Prato. 2021a. “Resetting Power in Global Food Governance: The UN Food Systems Summit.” Development 64 (3): 153–161.

Montenegro de Wit, M., Shattuck, A., Iles, A., Graddy-Lovelace, G., Roman-Alcalá, A., and Chappell, M. J. 2021b. Operating Principles for Collective Scholar-Activism: Early Insights from the Agroecology Research-Action Collective. Journal of Agriculture, Food Systems, and Community Development 10(2), 319-337.

Moore, J. W. 2017. “The Capitalocene, Part I: On the Nature and Origins of our Ecological Crisis.” Journal of Peasant Studies 44 (3): 594–630. doi:10.1080/03066150.2016.1235036

Moyo, S., and P. Yeros, eds. 2005. Reclaiming the Land: The Resurgence of Rural Movements in Africa, Asia and Latin America. London: Zed Books.

Newell, P. 2022. “Climate Justice.” Journal of Peasant Studies 49 (5): 915–923. doi:10.1080/03066150.2022.2080062

Newell, P., and O. Taylor. 2018. “Contested Landscapes: The Global Political Economy of Climate-Smart Agriculture.” Journal of Peasant Studies 45 (1): 108–129.

Nicholson, P. and S.M. Borras Jr. 2023. It wasn’t an Intellectual Construction: The Founding of La Via Campesina, Achievements and Challenges – A Conversation. Journal of Peasant Studies 50(2).

O’Brien, K. J., and L. Li. 2006. Rightful Resistance in Rural China. Cambridge University Press.

O’Connor, J. R. ed. 1998. Natural Causes: Essays in Ecological Marxism. New York: Guilford Press.

Ody, M., and A. Shattuck. 2013. Our Struggle is for Humanity”: A Conversation with Morgan Ody, General Coordinator of La Via Campesina International, on Land, Politics, Peasant Life and a Vision for Hope in our Changing World. Journal of Peasant Studies 50(2).

Ojeda, D. 2012. “Green Pretexts: Ecotourism, Neoliberal Conservation and Land Grabbing in Tayrona National Natural Park, Colombia.” Journal of Peasant Studies 39 (2): 357–375. doi:10.1080/03066150.2012.658777

Paige, J. M. 1975. Agrarian Revolution. New York: Simon and Schuster.

Paprocki, K. 2021. Threatening Dystopias: The Global Politics of Climate Change Adaptation in Bangladesh. Ithaca, NY: Cornell University Press.

Park, C. M. Y., B. White,  and Julia. 2015. “We are not All the Same: Taking Gender Seriously in Food Sovereignty Discourse.” Third World Quarterly 36 (3): 584–599.

Patel, R. 2009. “Food Sovereignty.” Journal of Peasant Studies 36 (3): 663–706. doi:10.1080/03066150903143079

Patel, R. 2022. “Land in World-Ecology Perspective.” In The Oxford Handbook of Land Politics, edited by S. M. Borras and J. C. Franco, pp. 1-17. Oxford: Oxford University Press. https://doi.org/10.1093/oxfordhb/9780197618646.013.18

Patel, R., and J. W. Moore. 2017. A History of the World in Seven Cheap Things: A Guide to Capitalism, Nature, and the Future of the Planet. Berkeley, CA: University of California Press.

Pattenden, J. 2023. “Progressive Politics and Populism: Classes of Labour and Rural–Urban Political Sociology.” Journal of Agrarian Change 23 (3): 3–21.

Peluso, N., S. Afiff, and N. F. Rachman. 2008. “Claiming the Grounds for Reform: Agrarian and Environmental Movements in Indonesia.” Journal of Agrarian Change 8 (2–3): 377–407.

People’s Knowledge Editorial Collective eds. 2017. Everyday Experts: How People’s Knowledge Can Transform the Food System. Reclaiming Diversity and Citizenship Series. Coventry: Coventry University.

Perfecto, I., and J. Vandermeer. 2010. “The Agroecological Matrix as Alternative to the Land-Sparing/ Agriculture Intensification Model.” Proceedings of the National Academy of Sciences 107 (13): 5786–5791. doi:10.1073/pnas.0905455107

Peschard, K., and S. Randeria. 2020. “‘Keeping Seeds in our Hands’: The Rise of Seed Activism.” Journal of Peasant Studies 47(4): 613–647. doi:10.1080/03066150.2020.1753705

Petras, J., and H. Veltmeyer. 2001. “Are Latin American Peasant Movements Still a Force for Change? Some New Paradigms Revisited.” Journal of Peasant Studies 28 (2): 83–118. doi:10.1080/03066150108438767

Popkin, S. L. 1979. The Rational Peasant: The Political Economy of Rural Society in Vietnam.  Berkeley, CA: University of California Press

Putzel, J. 1995. “Managing the ‘Main Force’: The Communist Party and the Peasantry in the

Philippines.” Journal of Peasant Studies 22 (4): 645–671. doi:10.1080/03066159508438591

Pye, O. 2021. “Agrarian Marxism and the Proletariat: A Palm Oil Manifesto.” Journal of Peasant Studies 48 (4): 807–826. doi:10.1080/03066150.2019.1667772

Rasmussen, M. B., and C. Lund. 2018. “Reconfiguring Frontier Spaces: The Territorialization of Resource Control.” World Development 101: 388–399.

Ribot, J. 2022. “Violent Silence: Framing out Social Causes of Climate-Related Crises.” Journal of Peasant Studies 49 (4): 683–712. doi:10.1080/03066150.2022.2069016

Ricciardi, V., Z. Mehrabi, H. Wittman, D. James, and N. Ramankutty. 2021. “Higher Yields and more Biodiversity on Smaller Farms.” Nature Sustainability 4 (7): 651–657.

Robbins, M. J. 2015. “Exploring the ‘Localisation’ Dimension of Food Sovereignty.” Third World Quarterly 36 (3): 449–468. doi:10.1080/01436597.2015.1024966

Rodriguez, F., and A. Sosa. 2023. Thirty Years of Sowing Hope to Globalise the Struggle: Women and Youth of La Via Campesina in the Construction of Food Sovereignty – A Conversation. Journal of Peasant Studies 50(2).

Roman-Alcalá, A. 2016. Conceptualising Components, Conditions and Trajectories of Food Sovereignty’s ‘Sovereignty’. Third World Quarterly, 37(8), 1388-1407.

Roman-Alcalá, A. 2021. “Agrarian Anarchism and Authoritarian Populism: Towards a More (State-) Critical ‘Critical Agrarian Studies’.” Journal of Peasant Studies 48 (2): 298–328. doi:10.1080/ 03066150.2020.1755840

Rosset, P. 2013. “Re-thinking Agrarian Reform, Land and Territory in La Via Campesina.” Journal of Peasant Studies 40 (4): 721–775. doi:10.1080/03066150.2013.826654

Rosset, P. M., and M. A. Altieri. 2017. Agroecology: Science and Politics. Rugby, UK: Practical Action Publishing.

Rosset, P. M., B. Machín Sosa, A. M.  Roque Jaime, and D. R. Ávila Lozano. 2011. “The Campesino-to-Campesino Agroecology Movement of ANAP in Cuba: Social Process Methodology in the Construction of Sustainable Peasant Agriculture and Food Sovereignty.” Journal of Peasant Studies 38 (1): 161–191.

Rosset, P., V. Val, L. P. Barbosa, and N. McCune. 2019. “Agroecology and La Via Campesina II. Peasant Agroecology Schools and the Formation of a Sociohistorical and Political Subject.” Agroecology and Sustainable Food Systems 43 (7–8): 895–914.

Sauer, S. 2020. “Covid-19, Right-Wing Populism and Agrarian Struggles in Brazil: Interview with João Pedro Stédile, National Leader of the MST.” Journal of Peasant Studies 47 (5): 927–943.

Scheidel, A., D. Del Bene, J. Liu, G. Navas, S. Mingorría, F. Demaria, S. Avila, et al. 2020. “Environmental Conflicts and Defenders: A Global Overview.” Global Environmental Change 63: 102104. doi:10.1016/j.gloenvcha.2020.102104

Scoones, I. 2008. “Mobilizing against GM Crops in India, South Africa and Brazil.” Journal of Agrarian Change 8 (2–3): 315–344.

Scoones, I. 2009. “The Politics of Global Assessments: The Case of the International Assessment of Agricultural Knowledge, Science and Technology for Development (IAASTD).” Journal of Peasant Studies 36 (3): 547–571. doi:10.1080/03066150903155008

Scoones, I. 2021. “Pastoralists and Peasants: Perspectives on Agrarian Change.” Journal of Peasant Studies 48 (1): 1–47. doi:10.1080/03066150.2020.1802249

Scoones, I., R. Hall, S. M. Borras Jr, B. White, and W. Wolford. 2013. “The Politics of Evidence: Methodologies for Understanding the Global Land Rush.” Journal of Peasant Studies 40 (3): 469–483.

Scoones, I., M. Edelman, S. M. Borras Jr, R. Hall, W. Wolford, and B. White. 2018. “Emancipatory Rural Politics: Confronting Authoritarian Populism.” Journal of Peasant Studies 45 (1): 1–20. doi:10.1080/03066150.2017.1339693

Scott, J. C. 1976. The Moral Economy of the Peasant: Subsistence and Rebellion in Southeast Asia. New Haven, CT: Yale University Press.

Scott, J. C. 1985. Weapons of the Weak: Everyday Forms of Peasant Resistance. New Haven, CT: Yale University Press.

Sekine, Y. 2021. “Emerging ‘Agrarian Climate Justice’ Struggles in Myanmar.” Journal of Peasant Studies 48 (3): 517–540. doi:10.1080/03066150.2020.1839054

Shah, A. 2022. “Rethinking ‘Just Transitions’ from Coal: The Dynamics of Land and Labour in Anti-Coal Struggles.” Journal of Peasant Studies, doi:10.1080/03066150.2022.2142568.

Shah, A., and J. Lerche. 2020. “Migration and the Invisible Economies of Care: Production, Social Reproduction and Seasonal Migrant Labour in India.” Transactions of the Institute of British Geographers 45 (4): 719–734. doi:10.1111/tran.12401

Shanin, T. 1983a. “Late Marx: Gods and Craftsmen.” In Late Marx and the Russian Road, edited by T. Shanin, 3–39. London: Routledge and Kegan Paul.

Shanin, T. (1983b). “Marxism and the Vernacular Revolutionary Traditions.” In Late Marx and the Russian Road, edited by T. Shanin, 243–279. London: Routledge and Kegan Paul.

Shattuck, A. 2021. “Generic, Growing, Green? The Changing Political Economy of the Global Pesticide Complex.” Journal of Peasant Studies 48 (2): 231–253. doi:10.1080/03066150.2020.1839053

Shattuck, A., C. M. Schiavoni, and Z. VanGelder. 2015. “Translating the Politics of Food Sovereignty: Digging into Contradictions, Uncovering New Dimensions.” Globalizations 12 (4): 421–433.

Shattuck, A. 2023. Life on the land: new lives for agrarian questions. Journal of Peasant Studies 50(2).

Shivji, I. G. 2017. “The Concept of ‘Working People’.” Agrarian South: Journal of Political Economy 6 (1): 1–13. doi:10.1177/2277976017721318

Siebert, A. 2020. “Transforming Urban Food Systems in South Africa: Unfolding Food Sovereignty in the City.” Journal of Peasant Studies 47 (2): 401–419. doi:10.1080/03066150.2018.1543275

Soper, R. 2020. “From Protecting Peasant Livelihoods to Essentializing Peasant Agriculture: Problematic Trends in Food Sovereignty Discourse.” Journal of Peasant Studies 47 (2): 265–285.doi:10.1080/03066150.2018.1543274

Sosa Varrotti, A. P., and C. Gras. 2021. “Network Companies, Land Grabbing, and Financialization in South America.” Globalizations 18 (3): 482–497. doi:10.1080/14747731.2020.1794208

Stedile, J. P. 2007. “The Neoliberal Agrarian Model in Brazil.” Monthly Review 58 (9): 50.

Tarrow, S. 2005. The New Transnational Activism. Cambridge: Cambridge University Press.

Taylor, M. 2018. “Climate-smart Agriculture: What is it Good for?” Journal of Peasant Studies 45 (1): 89–107. doi:10.1080/03066150.2017.1312355

Tilzey, M. 2019. “Authoritarian Populism and Neo-Extractivism in Bolivia and Ecuador: The Unresolved Agrarian Question and the Prospects for Food Sovereignty as Counter-Hegemony.” Journal of Peasant Studies 46 (3): 626–652.

Tramel, S. 2016. “The Road Through Paris: Climate Change, Carbon, and the Political Dynamics of Convergence.” Globalizations 13 (6): 960–969. doi:10.1080/14747731.2016.1173376

Val, V., P. M. Rosset, C. Zamora Lomelí, O. F. Giraldo, and D. Rocheleau, D. 2019. “Agroecology and La Via Campesina I. The Symbolic and Material Construction of Agroecology through the Dispositive of ‘Peasant-to-Peasant’ Processes.” Agroecology and Sustainable Food Systems 43 (7–8): 872–894.

van der Ploeg, J. D. 2013. Peasants and the Art of Farming: A Chayanovian Manifesto. Rugby, UK: Practical Action Publishing.

van der Ploeg, J. D. 2021. “The Political Economy of Agroecology.” Journal of Peasant Studies 48 (2): 274–297. doi:10.1080/03066150.2020.1725489

Veltmeyer, H., and J. Petras. 2014. The New Extractivism: A Post-Neoliberal Development Model or Imperialism of the Twenty-First Century? London: Zed Books.

Vergara‐Camus, L., and C. Kay. 2017. “Agribusiness, Peasants, Left‐Wing Governments, and the State in Latin America: An Overview and Theoretical Reflections.” Journal of Agrarian Change 17 (2): 239–257.

Visser, O., J. Clapp and S. R. Isakson. 2015a. “Introduction to a Symposium on Global Finance and the Agri‐Food Sector: Risk and Regulation.” Journal of Agrarian Change 15 (4): 541–548.

Visser, O., N. Mamonova, M. Spoor, and A. Nikulin. 2015b. “‘Quiet Food Sovereignty’ as Food Sovereignty Without a Movement? Insights from Post-Socialist Russia.” Globalizations 12 (4): 513–528.

Von Redecker, S., and C. Herzig. 2020. “The Peasant Way of a More than Radical Democracy: The Case of La via Campesina.” Journal of Business Ethics 164 (4): 657–670.

Weis, T. 2007. The Global Food Economy: The Battle for the Future of Farming. London: Zed Books.

Weis, T. 2010. “The Accelerating Biophysical Contradictions of Industrial Capitalist Agriculture.” Journal of Agrarian Change 10 (3): 315–341. doi:10.1111/j.1471-0366.2010.00273.

Welch, C. A., and S. Sauer. 2015. “Rural Unions and the Struggle for Land in Brazil.” Journal of Peasant Studies 42 (6): 1109–1135.

White, B. 2020. Agriculture and the Generation Problem. Halifax, NS: Fernwood; Rugby, UK: Practical Action.

White, B., S. M. Borras Jr, R. Hall, I. Scoones, and W. Wolford. 2012. “The New Enclosures: Critical Perspectives on Corporate Land Deals.” Journal of Peasant Studies 39 (3-4): 619–647. doi:10.1080/03066150.2012.691879

White, B., C. Graham, and L. Savitri. 2023. “Agrarian Movements and Rural Populism in Indonesia.” Journal of Agrarian Change 23 (1): 68–84. https://onlinelibrary.wiley.com/doi/10.1111/joac.12506

Wiebe, N. 2023. Shaping our Collective Futures: Activism, Analysis, Solidarity.” Journal of Peasant Studies 50 (2).

Wittman, H. 2009. “Reworking the Metabolic Rift: La Vía Campesina, Agrarian Citizenship, and Food Sovereignty.” Journal of Peasant Studies 36 (4): 805–826.

Wittman, H., A. Desmarais, and N. Wiebe, eds. 2010. Food Sovereignty: Reconnecting Food, Nature and Community. Halifax, NS: Fernwood.

Wolf, E. R. 1969. Peasant Wars of the Twentieth Century. Norman, OK: University of Oklahoma Press.

Wolford, W. 2010. This Land Is Ours Now. Durham, NC: Duke University Press.

Wolford, W. 2021. “The Plantationocene: A Lusotropical Contribution to the Theory.” Annals of the American Association of Geographers 111 (6): 1622–1639. https://doi.org/10.1080/24694452.2020.1850231.

Wolford, W., S. M. Borras Jr, R. Hall, I. Scoones, and B. White. 2013. “Governing Global Land Deals: The Role of the State in the Rush for Land.” Development and Change 44 (2): 189–210. doi:10.1111/dech.12017

Wright, E. O. 2019. How to be an Anticapitalist in the Twenty-First Century. New York: Verso Books.

Xiuhtecutli, N., and A. Shattuck. 2021. “Crisis Politics and US Farm Labor: Health Justice and Florida Farmworkers Amid a Pandemic.” Journal of Peasant Studies 48 (1): 73–98.

Yan, H., K. H. Bun, and X. Siyuan. 2021. “Rural Revitalization, Scholars, and the Dynamics of the Collective Future in China.” Journal of Peasant Studies 48 (4): 853–874. doi:10.1080/03066150.2019.1694911

Yaşın, T. Z. 2022. “The Environmentalization of the Agrarian Question and the Agrarianization of the Climate Justice Movement.” Journal of Peasant Studies, 49(7): 1355-1386. doi:10.1080/03066150.2022.2101102.

Ye, J., C. Wang, H. Wu, C. He, and J. Liu. 2013. “Internal Migration and Left-Behind Populations in China.” Journal of Peasant Studies 40 (6): 1119–1146.

Ye, J., J. D. van der Ploeg, S. Schneider, and T. Shanin. 2020. “The Incursions of Extractivism: Moving from Dispersed Places to Global Capitalism.” Journal of Peasant Studies 47 (1): 155–183. doi:10.080/03066150.2018.1559834

Yoon, S. G., and M. Robbins. 2023. “‘The Food Sovereignty Movement Is Not Part of My Life, It Is My Life’: From Local to International, Reflecting on Korean Women Peasant Organizing – A Conversation.” Journal of Peasant Studies 50(2).

Zasulich, V. (1983 [original 1881])). A letter to Marx. In Late Marx and the Russian Road, edited by T. Shanin,  98–99. London: Routledge and Kegan Paul.

ترجمة:

مراجعة:

ترجم بدعم وتنسيق من المعهد العابر للقوميات (TNI)

Skip to content