عن الهامش

الهامش موقع عربي مختص بالجوانب المهملة من تاريخ الحركات الاجتماعية وحركات المقاومة وفكرها وممارستها، انطلقنا فيه من سنواتِ الخراب المستمر التي حلّت على شعوبنا، لا من يأسِها ومأساتِها فحسب، بل مما تخللها من لحظاتٍ عابرة بعثت فينا الأمل وَرسَّخت إيماننا بقدرتنا وقدرةِ شعوبنا على شقِّ طريقٍ مِنْ مأزق ثلاثية التبعية والاستغلال والاضطهاد الذي وجدنا أنفسنا فيه، ضدّ مراكز السلطة، وتحديدًا سلطة رأس المال، التي شنَّت علينا حربًا منذُ حين، ومن هذا المنطلق اتخذنا هذا الموقع نواةً أوليةً لِتَدارسِ طُرقِ استهدافِ هذا المركز وتوابعهِ في الجنوب العالمي.

ولكي تغدو الهوامش المُستضعَفةُ حواضِنَ للمقاومة ولتأسيسها هامشًا مُوحّدًا يملك القدرة والاستعداد لاجتياحِ المركز، ولأجلِ الإمساكِ بالأفق التحررية التي رسم معالمها لنا شهداءُ، مثل باسل الأعرج، شاركناهم وشاركناهن هذه الهموم، نحن بأمسِّ الحاجة إلى بناء ثقافةٍ مُشتَبِكة، مع الثقافة السائدة المتصالحة مع هذا التهميش، مع التبعية المعرفية، مع اليأس الانهزامي الذي خيَّمَ بعد ما توالى علينا من كوارث، فالهدفُ إذن ليس الانشغال بالجدل البيزنطي النخبوي، بل تفعيل جدلية حراك المقاومة السياسية الاجتماعية من جهة، والبناء النظري من جهةٍ أخرى، من موقعِ هذا الهامشِ ولأجله، وفي سبيلِ إلغائه.

ونرى أن لا طائلَ من ادعاءِ المعرفة المسبقة بكافة تضاريس طريق التحرير هذا، ناهيك عن كيفية اختتامِه، فالمعرفة، وهي معرفةٌ نظريةٌ وتنظيميةٌ واستراتيجيةٌ، لن تتكوّن إلّا أثناء الخوض فيه ومعالجة ما سيواجهنا فيه من عقباتٍ وتحدّيات ومسائل، وما سيتكشّف لنا من إمكاناتٍ وطاقات، وكيفية ربطِ إنتاج هذه المعرفة بالحراك السياسي، وإدماج النقدِ والنقدِ الذاتي في ممارسته.

ومن هنا، نعطي للفكر الماركسي أهميةً، لا كعقيدةٍ جامدةٍ متوارثة، بل كأداةٍ تحليلية تقبلُ الضبط والتهذيب والتجديد لإعانتنا في الإجابة على مسائل التحرير، ونولي أهميةً قصوى للدراسة النقدية لِتاريخها الفكري والعملي في الجنوب العالمي، دونما تبجيلٍ أو تقديسٍ، ودونما استنقاصٍ أو استخفاف، لما في ذلك من صلةٍ بعملنا السياسي اليوم، ولنرى مسائلنا المعاصرة في إطار تاريخ تلك الصراعات وما نتج عنها من واقعٍ اجتماعيٍّ متغيّرٍ، لا كحصيلةٍ حتميّةٍ لقوانينَ تطوّرٍ تاريخيةٍ خارجةٍ عن إرادة فاعليها، ولا كخطّةٍ قديمةٍ رسمتها قوىً مهيمنةٌ محيطةٌ بكلِّ شيءٍ وقادرةٌ على كل شيء، بل كمُخْرَجاتٍ منفصلةٍ أو متّصلةٍ لخططٍ واستراتيجّاتَ بعضها متعارضٌ والآخر متوافق، تصادَفت فَتَمفْصَلت، لتشكّل المستقبل الذي نعيشه، وبالخوض في هذا التاريخ نريد أنْ نستوضح ما يرتبط بنا من هذا الفكر وما يربطنا بهذا التاريخ، لندرك السياقات التي وجدَ فيها أسلافُنا في هذا الطريق أجوبتهم، بغيّةَ أن نلتمسَ فيها ملامحَ أجوبتنا.


مجلس التحرير:

أسامة سليم، منار أحمد، لقمان سباع، نصير عبدالله، نون الكافي، يوسف شوقي مجدي.

Skip to content