مقدمة الهامش: من الحراك النسوي العربي، نحو الأممية النسوية

نمرّ اليوم بِموجة نسوية عالمية جديدة، نجد بعض تمظهراتها في مختلف أقطار وطننا العربي. فقد شهدت الأعوام الماضية انفجار الحراك النسوي في السعودية ضد نظام ولاية الرجل على المرأة، ونشأة حركة طالعات النسوية في فلسطين ضدّ الأبوية وضد الاستعمار، وحركة نون في السودان التي نشأت في خضم الحراك الثوري، وخروج المظاهرات النسائية الحاشدة في العراق في وسط الحراك الجماهيري الأوسع ضد نظام الطائفية والاحتلال، والدعوة إلى إضراب نسوي في تونس بعد قرابة عشر سنين من حراكها الثورية، وانبثاق تحرّكات نسوية جديدة وتجديد أخرى في مختلف البلدان العربية، من الصحراء الغربية، والبحرين، ولبنان، وغيرها.

تواجه كلٌّ من هذه الحركات الباسلة صعوباتٍ وتحدّيات متنوّعة بتنوّع الظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية لكل بلد، من التهميش الاقتصادي والاجتماعي، والعنف الأسري والقتل الاجتماعي، وقمع السلطات والسجن والتعذيب، وحتى القصف والحرب والتهجير. تتحرُّك النساء في منطقتنا اليوم ضد هذه الظروف التي تكالبت لتشكّل واقعًا جحيميًا يمسّنا جميعًا.

تسير حركات المقاومة النسوية/النسائية العربية هذه، الفردية منها والجماعية، العفوية والمنظّمة، في وجه إعصار الرجعية الذي يكاد يدفن مستقبل العالم وحاضره، وهي في هذه المسيرة، لحسن الحظ، ليست وحيدة. سواءً أدركنا رفاق رحلتنا أم جهلناهن، فها هن يسرن إلى جانبنا محاولاتٍ، مثلما نحاول، تغيير العالم بأسره.

أردنا بتقديم هذا الملف التعريف بملامح هؤلاء الرفاق، وبالظروف، والتاريخ، والحاضر، والتحديات، والطموح، التي أدَّت لانتهائنا معًا في خندقٍ واحد، لأن في تعرُّفِنا هذا عليهن وعليهم تعرُّفٌ على أنفسنا، وتعرّفٌ على الخندق الأممي المشترك الذي يجمعنا، لنتخلص من تبعثرنا وتشرذمنا، ونجمع قوانا بِاتّحادنا، نحو حراك نسوي يعبر الحدود التي قطعتنا، وفرَّقتنا، وقيّدتنا.

نقدّم هذه الدعوة للأممية النسوية التي تستحضر زمنَ التضامن المتبادل للحركات التحررية، والتقارير التي كتبتها الناشطات المشارِكات من مختلف الحركات النسوية، في عملهن المشترك نحو تأسيس جبهة موّحدة ضد الأبوية والرأسمالية والعنصرية والاستعمار، وذلك ليس فقط لندرك ونتذكّر أننا لسنا وحدنا في هذا القتال، بل لكي نستيقن من أنّ التغيير، وإن تعثّر وصَعُب، ما زال ممكنًا، وأنَّه مثلما الشعوب قاومت وكافحت ماضيًا في وجه وحشيّة الفاشية والرجعية، وظفرت، ها هي وها نحن اليوم نقاوم ونكافح في وجه قوى الوحشية الفاشية الجديدة، في وجه القمع والقتل والحرب والاستعمار، وسنظفر – فلا خيارَ أمامنا سوى القتال لأجل هذه الحياة التي حرمنا منها.

Skip to content