الطلاب المتظاهرون في جامعة أمير كبير

طلاب جامعة أمير كبير في طهران: لا للإمبريالية! لا للاستبداد!

أقرَّت السلطات الإيرانية بعد نفيٍ أولي بأنها هي من أسقط الطائرة الأوكرانية التي راح ضحيتها 176 شخصًا، أغلبهم من الإيرانيين، «نتيجة خطأ بشري» في وسط التوترات الناتجة عن اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني. خرجت احتجاجاتٌ واسعة في رشت وإصفهان ومشهد وشيراز وهمدان وساري وبابُل وكرمانشاه وأرومیه وغيرها من المدن الإيرانية تظاهرًا على الكارثة التي تذكّر باستهداف القوات الأمريكية طائرةً مدنية إيرانية عام 1988 أثناء الحرب العراقية الإيرانية وقتل كل من على متنها، 290 شخصًا، من طاقم وركّاب.

في موجة الاحتجاجات الجديدة هذه، التالية لموجة احجتاجات نوڤمبر الماضي التي توقفت بسبب التهديدات الأمريكية بالحرب، قاد طلّاب الجامعات المظاهرات نظرًا لكون عدد كبير من الضحايا الإيرانيين هم طلاب جامعيون يدرسون في الخارج، وفي هذا السياق أقام طلّاب جامعة أمير كبير للتكنولوجيا في طهران وقفةَ حدادٍ ليلة 11 يناير، سرعان ما تحولت لمظاهرة ضد السلطات الإيرانية. في اليوم التالي نشر الطلّاب المحتجّون هذا البيان أدناه، نقلناه عن الإنجليزية من ترجمة فرهنك جهانبور.

النص

في هذه الأيام، يخيّم على إيران الحزن والحداد. الدُم يُغسل بالدم، والألم يُصبُّ على الألم، وجثمان الشهيد يُغسل بِدَمِ شهيدٍ آخر. الحال كما لو أن بنود الزمان انكمشت، والبلاد تتوالى عليها الأزمات، والتهديد يُقابَل بالتهديد.

نحن أبناءُ الشعب الإيراني ولا نعتبر أنفسنا منفصلين عنه. آلامُ الشعب آلامنا والحزن الثقيل على قلبه ثقيلٌ على قلوبنا. وصلت الأزمة أوجها يوم الإثنين، وبعد يومٍ واحد من موت العشرات من إخوتنا في كرمان،1قُتِل 35 شخصًا في تدافعٌ جرى أثناء تشييع قائد فيلق القدس قاسم سليماني. ها هي الأمة تشهد موت أبنائها مرةً أخرى في رحلة طيران. لم يتسنى لنا الحداد على شهداء شهر آبان2أثناء المظاهرات المناهضة للحكومة في نوڤمبر حتى حلت بنا مصيبةٌ أخرى.

واليوم، يحاصُرنا «الشر» من كل زاوية. بينما قُطِعَت بالناس السُبل من سياسات الحكومة الاقتصادية وقمعها السياسي، ها هو شبحُ الحرب يخيم على رؤوسنا. ما يفتقره المناخ السياسي الإيراني اليوم، في زحام التهديدات المستمرة للقوى العسكرية، هو صوتُ الشعب، ومطلبه الأساس هو الحرية والمساواة. رفع الشعب صوته أعلى ما رفعه في شهر آبان لإيصال رسالته.

أحداثُ الشهرين الماضيين شاهدٌ حي على العجز التام للنظام الحاكم في إيران، نظامٌ ردُّه الوحيد على أي أزمة هو اللجوء إلى العنف. واجبنا اليوم هو التصدي بكامل جهودنا إلى منظومة القمع، سواءً أكانت على شكل حكومة ظالمة أو قوة إمبريالية.

في السنين الماضية، لم ينتج الوجود الأمريكي في الشرق الأوسط إلا زعزعة الأمن والفوضى. منهجنا تجاه هذه القوّة العدائية واضحٌ تمامًا، لكن من الواضح لنا أيضًا أن المغامرات الأمريكية في المنطقة لا يجب استخدامها كذريعةٍ للقمع الداخلي. يتردد شعار «الأمن القومي» على لسان الكثيرين، فعلينا أن نسأل، أمنُ أي فئاتٍ وأي طبقات وأي شرائح اجتماعية تعنون؟ لسنا نخافُ القول إن أمن الفقراء والمحرومين والمهمِّشين مزعزعٌ منذ سنين طويلة، فقد أدت السياساتُ الاقتصادية للثلاثين عامًا الماضية إلى خلق ألوفٍ منسية من جهة، وقلّة ثرية فاسدة من جهة أخرى.

يزدادُ الوضع تعقيدًا لوجود جماعاتِ معارضة خارج البلاد تتصف بالفساد والتبعية الكاملة وتدعمها الأذرع الإعلامية والمالية لدولٍ قوية. نعم، نحن اليوم محاطون بالشر من كل اتجاه.

يا شعب إيران الكريم:

السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة هو العودة إلى سياسةٍ شعبية، سياسةٍ لا ترتمي في أحضان الاستكبار والإمبريالية خوفًا من الاستبداد، ولا تشرعن الاستبداد باسم مقاومة الإمبريالية ومحاربة الاستكبار. نعم، الطريق الوحيدة لرفض الوضع الحالي والخروج منه هو رفضُ الاستبداد والاستكبار بصوتٍ واحد.

نحتاجُ لسياسةٍ لا تحدُّ الحرية والمساواة بفئة وطبقةٍ مميّزة، بل تعتبر هذه المبادئ حقوقًا ضرورية لكل الشعب. اليوم، الكل يتحدث بصراحةٍ اليوم حول الحاجة لديموقراطية سياسية واجتماعية. في ديموقراطيةٍ كهذه، لن تكون الحكومة غير مكترثةٍ لظروف لشعب، بل ستعمل على ضمان الأمن والحرية والمساواة للجميع.

نحن أبناءُ إيران نعزّي شعبنا الإيراني بشهادة مئة من إخوتنا في أحداث كرمان وإسقاط الطائرة المدنية، ونَعِدُ بألا يذهب دمهم سدى. لن ينسى التاريخ أبدًا دم البريء. دائمًا يعود التاريخ بقوّة وينتقم لأي مظلومٍ من الظالم.

الطلاب المتظاهرين في جامعة أمير كبير للتكنولوجيا

12 يناير، 2020

Skip to content