لومومبا في بروكسل. 1960.

بيان الجلسة الختامية لمؤتمر الحوار البلجيكي-الكونغولي

20 فبراير 1960

سيادة رئيس الوزراء

سيادة الرئيس

السادة البعثة البلجيكية

إخوتي الكونغوليين الأعزاء

مع اختتام مؤتمر الحوار، أودّ الحديث باسم الحركة القومية الكونغولية والتصريح بأفكارها وشعورها.

تسّرنا حقًّا نتائج المفاوضات التي عقدناها مع ممثِّلي الحكومة والبرلمان البلجيكي.

طالبنا بالاستقلال الفوري وغَير المشروط لبلادنا. وها قد ظفرنا به.

طالبنا بأن يكون الاستقلال هذا كاملًا ومطلقًا. طمأنتنا الحكومة البلجيكية امتثالًا لمطالبنا بأن بلجيكا لن تبقي أيًّا من أوجه السيطرة بعد 30 يونيو 1960. في ذاك التاريخ، ستنضمُّ الكونغو إلى صفوف الدول السيادية. ستجلسُ الحكومتان الكونغولية والبلجيكية جنبًا إلى جنبٍ في المحافل الدولية وستدافعان عن مصالحهما المشتركة.

طالبنا أن يكونَ للكونغوليين، من الآن وحتى 30 يونيو، ارتباطٌ قريب بحكومة البلاد. وكسبنا ذلك على هيئة خلقِ مجمّعات انتخابية مرتبطة بوزير الكونغو والحاكم العام وحكّام المقاطعات. من اليوم وحتى إعلان الاستقلال، سيتشاركُ الكونغوليون عبر هذه المجمّعات مع ممِّثلي بلجيكا في القيادة السياسية والإدارية للكونغو ولن يُتَّخذ قرار دون رضانا، سواءً في بلجيكا أو في الكونغو.

يغمرنا الفرح لهذه النتائجُ الرائعة التي حققناها بالمفاوضاتِ السلمية والودية.

أدركَت بلجيكا الوزن الذي ولَّيناهُ لحرِّيتنا وكرامتنا الإنسانية، وفَهِمَت أن الشعب الكونغولي ليسَ معاديًا لها، فهو لا يطالب إلا بإلغاء عار القرن العشرين، هذه الحالة الاستعمارية.

تبيّن لنا بوضوحٍ حسنُ نية ممثلي بلجيكا في مؤتمر الحوار، ولم نواجه أي معارضةٍ ممنهجة من ممثِّلي البرلمان البلجيكي. نشدِّد أن مؤتمر الحوار بكل جوانبه أداره الكونغوليون، ففي كلِّ مرةٍ اتفقنا فيما بيننا على هذه النقطة أو تلك، أيدَّته الحكومة البلجيكية ومندوبو برلمانها.

سنعودُ الآن إلى وطننا «حاملِين استقلالنا» وفخورين بجلب الفرحة والسرور لشعبنا حين نخبرهم أنهم الآن شعبٌ حرٌّ مستقل.

ما يزال إخوتنا في كينيا ونياسلاند وجنوب أفريقيا وأنغولا يحاربون لأجل استقلالهم، وها نحنُ انضممنا لصفوف الدول السيادية دون مرحلةٍ انتقالية.

كسبت بلجيكا بتحريرها الكونغو من النظام الاستعماري الذي لم نعد نقبل به صداقةَ واحترام الشعب الكونغولي.

نرغبُ بدوام هذه الصداقة خاليةً من كل أشكال النفاق، فبذلك نثبت للعالم أن مبدأ الصداقة بين الأمم مبدأٌ مهمٌّ حقًا.

من الآن فطالعًا سننسى أخطاء الماضي وكل ما يسبب الفِرقة، وسنركز حصرًا على المستقبل الرائع الذي نراه يتكشف أمامنا.

نطلبُ منك سيادة رئيس الوزراء أن تتلطف علينا وتوصل لجلالة الملك بودوان أخلص مشاعر الود والصداقة.

ونقدم شكرنا لسعادة السيد ليلار، الذي أشرف على طاولة الحوار بصبرٍ وتفهّم.

ونحيّي أيضًا سعادةَ النائب العظيم السيد رولين، فقيمة ما أضافه لأعمال هذا المؤتمر لا تقدّر.

وأخيرًا نود أن ننتهز هذه الفرصة لشكر الوزير السابق للكونغو السيد فان هيميلريجك الذي رصف الطريق للاستقلال الكونغولي. نأملُ أن يحضر إعلان استقلال الكونغو، وألّا يُرمى عليه الطماطم أثناءَ ذلك.

يبّشر اختتام هذا المؤتمر بصداقةٍ متينة ورضى كامل البعثة الكونغولية بمستقبل العلاقات بين الكونغو وبلجيكا. سَيُطبَع على هذه العلاقات ختمُ الصداقة والتعاون بين البلدين.

استقلالنا هذا الذي سيُعلَن بعد أربعة أشهر من الآن ليس إلا المرحلةَ الأولى لتحرّرُنا. مع انتزاعنا حريّتنا السياسة بعد قتالٍ دام شهورًا طويلة، علينا الآن أن نصبّ كامل جهودنا لتحقيق التالي:

  1. تأسيس أجواء الثقة والهدوء في كل أطراف الكونغو حتى تقام المؤسسات الجديدة بروح الفرح والتعاون الأخوي؛
  2. اجتثاثُ كل بقايا الاستعمار، ابتداءً بالإلغاء الفوري لكل شكال التمييز العرقي والقوانين الظالمة الموضوعة في ظل النظام الاستعماري؛
  3. إنهاءُ كافة الإجراءات الظالمة المجراة حاليًا ضد سكان بعض مناطق الكونغو؛
  4. تعزيزُ الاستقلال الوطني بتأسيس اقتصادٍ وطني مستقر ومزدهر. لا معنى لاستقلالنا إلا بالمساهمة في تحسين المعايير المعيشية لطبقتي العمّال والفلاحين.

علينا أيضًا محاربةُ كل محاولةٍ لتقسيم أراضينا الوطنية. تنطوي عظمة الكونغو على الحفاظ على كيانها السياسي والاقتصادي.

أما بالنسبة للأوروبيين الساكِنين في الكونغو، فنطلبُ منهم البقاء ومساعدة دولة الكونغو الشابة في بناء قوتها الوطنية. نحن بحاجة لمساعدتهم، وسنضمن لهم أمان ملكياتهم وأشخاصهم. فبتعاونهم نرغب ببناء الأمة الكونغولية التي سيجدون فيها حصّتهم من السعادة والرضى.

أبوابُ الكونغو مفتوحة لكل الراغبين بمساعدتنا بالنية الحسنة. في المقابل، لن نتسامح مع أي شخصٍ أو قوّةٍ ذات أهدافٍ إمبريالية. نفضّل الفقر تحت الحرية على الغنى تحت الطغيان.

ولأننا نزيهون، سنحترمُ رأس المال المُستثمَر في الكونغو. وأما بالنسبة لموظفي الخدمة المدنية البلجيكيين العاملين في الكونغو الآن، فنطلبُ منهم خدمة بلادنا بنفس ولاء خدمتهم الحكومة البلجيكية، وسيفخرون يومًا بمساهمتهم الإنسانية لجهد الإعمار الوطني.

سنحتاجُ كدولةٍ شابة نصيحة بلجيكا ومساعدتها العمليّة. ونأمل بصدقٍ ألا يُرفَض طلب المساعدة هذا.

ونمد يد الإخاء لشباب بلجيكا الديموقراطيين لخدمة الدولة الكونغولية. ستجدون هنا أمّة أخوية بحاجة لإخوتها.

أما بالنسبة للزعامات القَبَلية فنطلبُ منهم الإقرار بالحاجة للتطور والتعاون مع القاداتِ السياسية لبناء بلادهم، وسوفَ نحفظُ لهم مكانةً مشرِّفة في مؤسساتنا المستقبلية.

مواطنو الكونغو، نطلب منكم توحيد جهودكم لبناء أمّةٍ عظيمة ومتحدة وقوية وعامِلة ومزدهرة في قلب أفريقيا الوسطى.

تعيش الكونغو مستقلة.

تعيش بلجيكا.

تعيش صداقةُ شعوبنا.


يندرج هذا المنشور ضمن: باتريس لومومبا واغتيال الوحدة الأفريقية.

Skip to content